من روائع الحكايات والأساطير الموريتانية(17) / د. محمدو احظانا
(أم الروايات)
حكاية المراهقين الثلاثة والزبدة
“قال لكم من قال لكم، والبال لنا والبال لكم والبال لوليدات المسلمين”:
إنه كان في الزمان الأول ثلاثة مراهقين سمي كل واحد منهم على صفة بجسمه، أولهم اسمه “أبو افيم ضويق”، لأن فمه لايكاد يتسع لإدخال حبة قمح مقلية، والثاني اسمه “أبو قليلة”، لعظم بطنه وانتفاخه، والثالث “أبو “سويقات رقيقية”، إذ لا تكاد سيقانه الرقيقة الطويلة تحمل جسمه.
ومع الثلاثة فتاة سمينة تدعى “الزبدة”.
****
خرج الأربعة لجني الصمغ في غابة القتاد، وساروا في طريقهم وهم يتفحصون جذوع وأغصان شجر القتاد الكثيرة حتى بلغوا شجرة طويلة، بها صمغة كبيرة تتدلى، ولم يكن لديهم عمود جني الصمغ، فحاروا في أمرهم، وفكروا تفكيرا عميقا: كيف يحصلون على هذه الصمغة الكبيرة؟
كان شوك القتاد المعقوف كمخالب القطط المشرعة يمنعهم من تسلق جذع شجرة القتاد.
أخيرا اهتدت الزبدة إلى فكرة عملية لم يكن أحد من المراهقين قادرا على استنتاجها، وهي أن ينبطح أبو قليلة لأن بطنه المنتفخ سيرفعه عاليا عن الأرض، ويقف أبو سويقات رقيقية على ظهره لأنه هو الأطول، وبذلك يستطيع أن يصل إلى الصمغة الكبيرة فيجنيها، فإن جناها تقاسمها الأربعة بالتساوي، لأن “أبوافيم ضويق” هو الذي رأى الصمغة، و “أبو قليلة” هو الذي انبطح، و”أبو سويقات رقيقة”، هو الذي جنى الصمغة، والزبدة لأنها هي صاحبة الفكرة العملية، بالتخطيط لوصول ناجع إلى الصمغة.
****
انبطح أبو قليلة على بطنه المنتفخ فارتفع عن الأرض بما يكفي، وتسلق عليه أبو سويقات رقيقة يسنده أبو افيم ضويق، فلما مد يده إلى الصمغة هبت زوبعة فكسرت سيقانه.
سقط على ابو قليلة فانفجر بطنه،
ضحك منهم أبو افيم ضويق فانشق فمه إلى ما تحت أذنيه.
انطلقت الزبدة مسرعة نحو الحي لتخبرهم الخبر ولم تزل تجري وتستريح، وتجري وتستريح، وتجري وتستريح.. حتى بلغت وتد خيمة أهلها فذابت من حرارة الشمس الحارة التي كانت تركض تحت أشعتها الساطعة.
“وربطت أنا نعلي على قدمي، ورجعت عنهم سالما، أحدث بحكاية المراهقين الثلاثة والزبدة، دائرا عن دائر.”.
م. أحظانا