
ظرافات.. وظرفاء (29) / الأستاذ محمدو سالم ولد جدو
كان عثمان بن أبي شيبة من مشاهير مغفلي القراء ومصحِّفيهم، وله في ذلك غرائب سارت بها الركبان؛ فروى ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين أنه خرج إلى جماعة فسألهم: {ن والقلم} في أي سورة هو؟ وقال مرة لطلابه في التفسير: خذوا سورة المدبر (بالباء) يريد المدثر.
وقال الدارقطني: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير “فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رجل أخيه” فقيل له: {جعل السقاية في رحل أخيه} فقال: أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم.
وقرأ مرة “فضرب بينهم سنور له ناب” فقيل له إنما هو {فضُرِبَ بينهم بسور له باب} فقال: أنا لا أقرأ قراءة حمزة؛ قراءة حمزة عندنا بدعة!
وذكر ابن الجوزي في الكتاب ذاته أن رجلا قدم ابناً له إلى القاضي متهما إياه بشرب الخمر وترك الصلاة، فقال القاضي: ما تقول يا غلام فيما حكاه أبوك عنك؟ قال: يقول غير الصحيح! إني أصلي ولا أشرب الخمر، فقال أبوه: أصلح الله القاضي أتكون صلاة بلا قراءة؟ مره فليقرأ! فقال القاضي: يا غلام أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم؛ وأجيد القراءة! قال: اقرأ، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم
علق القالب الربابا ** بعدما شابت وشابا
إن دين الله حق ** لا أرى فيه ارتيابا
فقال أبوه: والله – أيها القاضي- ما تعلم هاتين الآيتين إلا البارحة، لأنه سرق مصحفاً من بعض جيراننا. فقال القاضي: قبحكم الله، يقرأ أحدكم كتاب الله ولا يعمل به!