عد يا ربيع إلى أيامك الأُوَل/ محمد بتار الطلبه
عد يا ربيع إلى أيامك الأُوَل
يا زينةَ الملك والأيام والدول
عُدْ كي تعيدَ على أسماعنا نبأ
شفَتْ به الأمةَ الشفّاءُ من عِلل
وإذ تداعت من الشٍّعب البشائرُ في
أرجاءِ مكة فاستوفتْ مدى الأمل
وما روتْ من عظيم الشأن آمنةٌ
وما رأت من شفوف الحُجْب والكِلل
وما حوت أختُ سعد منه حين سجا
ليل المنى وتداعى الركب للقَفَل
حدٍث بما لقيتْ من حُسْن منقَلَبِ
في أوْبها وبما ألْفَتْه في الحِلَل
بشرى سرت معَ أنفاس الصبا سحَرا
في كل قلب كبَرد الماء في الغُلل
أهلا بشهر ربيع الأول انتظمت
بها العوالم من قاف إلى زحل
نفح تضوع من رَوح الكريم فلم
يُحرَم شذاه سوى المحروم في الأزل
قد أفصحت عن سرور الكائنات به
حالٌ إذا حالت الأحوالُ لم تحُل
إذ لاحت الشُّهْبُ إرصادا لمستَرِقٍ
دون السماء فلم يسمع ولم يَخَل
والقصرُ هُدَّ وغيضَ الماءُ واضطرمت
نار الأسى إذ خبت نارٌ لمبتهل
والفيل صُدَّ وأهواء الضلال هوت
أعلامها بين منقول ومرتجَل
فافعل كما شئت يا ذا الوجد فيه وقل
تكن كأنك لم تفعل ولم تقل
أو لُذ بصمت إذا عز المقال تكن
كمن أهلَّ وقد أوفى على جبل
يا لحظة عمت الأكوانَ بهجتُها
وبان كل خفي عندها وجلي
لولاكِ لم تر عينٌ للكمال سنا
ولم تع الأذْنُ يوما أحسنَ المُثُل
ولا جلا ظلماتِ الجهل نورُ هدى
ولا احتمى بنظام العدل ذو وجَل
منكِ استطار ضياءُ الحق واتضحت
سبْل العلا وتحلّى كل ذي عَطَل
حدث ربيعُ بما حاكت وما صنعت
فيك الصنائع من حَليٍ ومن حُلل
وعن محاسن عهد أنت شاهده
وعن غدوك والأسحار والأُصُلِ
وعن مدارجِ سعيٍ في البطاح وعن
شأن الظواهر والحِزّان والقُلل
وقف بنادٍ لدى البيت العتيق وصف
مراتب القوم في حل ومرتحل
ويومَ بصرى وظلٍّا للغمام بدا
والركبُ ميلٌ على الأكوار لم يمِلِ
وما لهم -وهم الأخيار من مضر-
دون الفتى من نزول لا ولا نُزُلِ
وخفْضَ عيش صفا عند الصفا زمنا
ما شابَهُ قط من غيم ولا طفَل
وإذ دعته أمينا بينها حَكَما
أيدٍ إلى الحَجَر القدْسي لم تصِلِ
فبينما الأرض تزهو والحياة تَشي
بمشتهَى النفسِ والآذان والمُقل
ورائدُ الخير قد ألقى عصاه على
موارد الرِّفْهِ بين العَلٍّ والنهَل
إذا السماءُ تراعي الأرضَ دانيةً
منها مُفتّحةَ الأبواب والسُّبُل
وجاء جبريلُ بالذكر الحكيم هدى
وشاهدُ الذكر يتلوه على مهَل
هيَ النبوءة لم تُدرك مواهبها
يوما بجاه ولا رأي ولا حِيَلِ
فيا لها منةً من الكريم بها
على العباد على بُعْد من الرسل
إذ قام أكملُ خَلقِ الله يُنذِر في
خير البقاع ويَهدي أقوم المِلل
مؤيَّدا بعظيم المعجزات على
خُلْق عظيم وخَلْقٍ بالكمال حَلي
ما زال يرقى رقيَّ الأنبياء إلى
أن نال منزلة من قبلُ لم تُنَل
حتى أتم عليه الله نعمته
فتحا ونصرا وهديا بالغََ الأجل
والدين من حرم يعلو إلى حرم
والصحب من مثل أعلى إلى مثل
لا يستقيلون من عقد قضاه ولا
يبغون عن نهجه الميمون من حِوَل
نحورهم دون نحر المصطفى غرضا
في صادق البأس بين البيض والأسل
يا باغيا قفْوَ آثار النبي أَقِمْ
واعقل قلوصَك واعقرْها لدى العُقُلِ
تجدْ حديثا له أو عنه يُطرب إذ
يُروى بعالٍ من الإسناد متصل
مسلسلا بثقات كالشموس سنا
فلستَ تَسمعُ في التحديث :”عن رجل”
وتحظ بالسؤل عينا من شمائله
ومن غنائمه بالقَسْم والنفَل
وما لهم في سوى هدْي الرسول وما
آتاه من ناقة كلا ولا جمل
أدام مشهدَ ذاك الفضل ما ذُكرت
حُلاه من كان ذا فضل ولم يزل
وصل ربٍِ وسلم ما أغاث ندى
يوما على من تقول :” اشفعْ” له و”سَلِ”
الشيخ محمد بن بتار بن الطلبة