العناية بتربية النشء وبناء الأسرة في القرءان الكريم
ممّا استفيد من ورد الأولى ما ذكرته في تدوينة عن كرسيّ لي في التفسير متجوّل في جوامع مدينة (النعمة) عن تربية النش، فقد جاء في تلك التدوينة ما يلي:
يبدو أنّ العناية بالنشء تربيةً وتزكيةً تدخل ضمن التخطيط الاستراتيجي في تعاليم الإسلام؛ فقد لفت نظري البارحة في كرسي التفسير المتجوّل في جوامع عاصمة الولاية ( أل عهدية ) حيث كان المقطع المتناول من قوله تعالى : ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه ) إلى قوله تعالى : ” سيقول السفهاء من الناس ”
لفت نظري وشدّ انتباهي مدى العناية بالنشء في هذا المقطع القرآني الكريم؛ ذلك أنّ العناية بالنشء هي تخطيط لامتداد حياة الآباء بامتداد حياة أبنائهم الصالحين الذين يدعون لهم وهم في قبورهم.
وقد تمثلت العناية بالآبناء في هذا المقطع فيما يلي :
1 – ترشيح الأبناء للإمامة في الدين ” وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ” مما يؤشّر لاهتمام بالغ بهم.
2 – إشراكهم في الريادة والسبق في الخير؛ لتكون لهم بصماتهم المؤثّرة في الحياة النبيلة:” وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ” و ” وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَهِمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ”
3 – السعي إلى توفّر الحاجات الضرورية من أمن وطعام بالدعاء لهم بذلك ؛ ليقودهم ذلك إلى شكرالله : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ” وشكر الله سبب في ازدياد الخير ” لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ”
4 – الحرص على توفيقهم للانقياد لله : ” وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ” فمن انقاد لله انقاد له كلّ شيء.
5 – القصد إلى توفير بيئة متكاملة لتربية قويمة بالدعاء لهم أن يبعث الله فيهم رسولا يكون منهم يقرأ عليهم آيات الله ويعلّمهم الكتاب والسنّة , ومقاصد الشرع ,ويزكّيهم بالتحلية بالفضائل والتخلية عن الرذائل : ” رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَبَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ”
6 – إيصاؤهم بالانقياد للدين والثبات عليه ” وَوَصَّى بِهَا إِبْرَهِم بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ” مما يسلّمهم من تيّار الفتن, وينقذهم من لوثة الشبهات, و ينجيهم من سطوة الشهوات.
7 – متابعة حالتهم؛ حرصا على مستقبلهم الإيمانيّ حتى في أصعب اللحظات : ( سكرات الموت ) وبذلك يموت الأب مطمئنّا على نجاح تربيته, وإثمار سعيه . ” أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَهِيَ وَإِسْمَعيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ”
تلكم – إخوتي الكرام – سبعة أبواب إلى تربية ناجحة؛ لعلّها تسدّ أبواب جهنّم السبعة عن الآباء الذين قاموا بما عليهم , وعن الأبناء الذي أثمرت فيهم هذه التربية الصالحة.
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
ملحوظة كتب القرآن وفق الرسم العثماني.
الأستاذ سيدى محمد محمد المختار.