ثقافة

ورجل من الكرام عندنا – يستحق القراءة

و رجلٌ من الكرامِ عندنا

تُعد دار الحديث الأشرفية بدمشق أشهر دار لعلم الحديث، فتحها الملك الأيوبي الأشرف مظفر الدين موسى بن محمد العادل في ليلة النصف من شعبان سنة 630هـ، وجعل شيخها تقي الدين بن الصلاح، ووقف عليها الأوقاف، وجعل بها نعل النبي صلى الله عليه وسلم وهي فردة واحدة يُقال إنها اليسرى.

وقد تولى رئاسة دار الحديث الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي وبعده بعشرات السنين تولى رئاستها الإمام الحافظ تقي الدين السبكي فكان يقول:
وفي دارِ الحديثِ لَطيفُ معنًى :: أصلِّي في جوانبها وآوي
لعلي أنْ أمَسَّ بحُرّ وجهي :: مكانًا مَسّه قَدمُ النواوي
و”لطيف معنى” قصد بها السبكي النعل الشريف، ولا يخفى ما في البيتين من ذكر لفضل الإمام النووي.

وذات أمسية من أمسيات دمشق الملاح كان العلامة محمد بن مالك ينظم ألفيته وقد بلغ مسوغات الابتداء بالنكرة فقال:
“وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرهْ مَا لَمْ تُفِدْ” كما هو الغالب، فإن أفادت جاز الابتداء بها.
وشاء الله أنه في تلك الليلة “راحَ له” تلميذه الإمام النووي وكان يجله لصلاحه وفضله فقال:
وهل فتَى فيكم فما خلٌّ لنا :: ورجلٌ من الكرامِ عندنا
يقصد برجل من الكرامِ عندنا الإمام النووي الذي كان ضيفه في تلك الليلة.
وكان الإمام النووي كثيرا ما يقول في تصانيفه: قال شيخنا ابن مالك.

وقد عقد العلامة محمذن باب بن داداه الأبهمي الديماني رحمه الله، إشارة ابن مالك للإمام النووي بقوله:
(ورجل من الكرام) الملوي :: قد قال إنه الإمام النووي

وحين كتب العلامة المؤرخ المختار ولد حامد ألفيته لأبناء سيدي الفالي قرئت ذات مساء على الجماعة في قرية التاگلالت ، فقال أحد القوم مداعبا صديقه محمد عبد الله ولد الحسن: أرى “التاه” ذكر جمالا ولم يذكركم فقال:
“في بيتكم لنا جمالٌ وسنا”
فقال له محمد عبد الله أكمل البيت تجدني:
في بيتكم لنا جمالٌ وسنا :: و رجلٌ من الكرامِ عندنا
فأنا المقصود بـقوله: “و رجلٌ من الكرام عندنا”.

انفض السامر ودارت الأيام..
بعد ست سنوات توفي محمد عبد الله ولد الحسن فتعجب القوم في البتراء حين جاءتهم مرثية المختار ولد حامد لمحمد عبد الله وكان مطلعها:
هدَّ قوانا مَن نَعى سيدنا :: “ورجلا من الكرام عندنا”

يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد “التاه” ، في رثاء الوجيه الإداري والدبلوماسي محمد عبد الله ولد الحسن “الداه”:
هدَّ قُوانا مَن نَعى سيدَنا :: “ورجلا من الكرام عندَنا”
كرمُه الواسعُ عمَّ نجدَنا :: وغَورَنا وحُرَّنَا وعبْدنَا
رزقه الله تعالى ودّنا :: وداً أبدَّ بيضَنا وسودَنا
كان أبانا رأفةً وجَدَّنا :: وصِنوَنا البرَّ بنا ورِدَّنا
كان إذا خطبٌ دهّى أسَدّنا:: رأيًا حكَى المستوطنينَ عدَنا
كمْ مرة رَأَسَ فيها وفدَنا :: فردَّ عنا ما يُحاكُ ضِدّنا
ورُبَّ توجيهٍ له وحَّدَنا :: إن دَبَّ خُلفٌ بينَنا بَدّدَنا
وكم بما يَنفعُنا أنجدَنا :: وصَدَّ ما يَضرُنا أو صدَّنا
ولا يَخُصّنا بذاكَ وحدَنا :: فهو يُعِينُ من نَأى ومن دَنا
الله مولانا الذي أوجدَنا :: وبجلائلِ الآلا أمدّنا
بذلكَ العدلِ الرضَى أسعدَنا :: وفي أرائك ِالمُنى أقعدَنا
حتى بلغْنا في الهَنا أشُدّنَا :: وفي الفَخار قد بَلغنا حَدّنا
يا أيها الناعِي نعيتَ مجدَنا :: والهدْيَ فينا المرتضَى والدّيدَنا
ومنهجًا عليه قد حَسَدَنا :: من لمْ يَكُنْ يَبلغُ فيه مُدَّنَا
إن ابنَ “دِيدِ” فَقدُه أفقدَنا :: معنًى أقضَّ فقدُه مرقَدَنا
لكننا إذا وَجدنا رُشدَنا :: فبِقضاءِ اللِه نَرضَى جِدَّنا
وهاهنا نقولُ فيما هَدّنا :: إنا له إن له مَرَدّنا
أبا جمالٍ لا ثَويتَ بعدَنا :: إلا بجناتٍ جَناهُنَّ دَنا
تَسِيمُ روحَكَ بها والبدَنا :: فيما لديهنَ وليسَ لَدَنَا
يرحمُك اللهُ الذي عوّدَنا :: نِعمَه التي بِها أبَدّنا
نسألُه لنا ومَن ولَدَنا :: لُطفًا وفوزًا يومَنا وغدَنا
يَحيى جمالٌ وليكنْ سيدَنا :: بيتهُما الحسن حفظا عهدَنا
يَفُك كالمرحومِ ما قَيّدَنا :: عَنا يَحُلّ مثلَه عُقَدَنا
ولم يزل إلى العُلا أمَدّنا :: يَدًا وطلاَّعًا لها أنجُدَنا
يا قاطنِي البتراءِ هاكُم وُدّنا :: نُرُشّ فيه مسكَنا وَوَردَنا
يَعُمّ منكم من تَلا مولدَنا :: مولدُه ومَن يكونُ لِدَنَا
وفي الختامِ صابرينَ جُهْدَنا :: نُكثرُ للهِ تعالى حَمدَنا

 

كامل الود

 

سيدي محمد إكس ولد إكس اكرك سابقا

 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى