ثقافة

الأستاذ/ محمدن بن سيدي يكتب: علامة العلامات

علاماتُ العلاماتِ ..

التاريخ : الخميس 9 فبراير 2023م

في بداية الثمانينات كنت مع الأستاذ سيد أحمد بن الديْ حفظه الله في مكتبه وكان آنذاك مديرا عاما لشركة الكتب الاسلامية في موريتانيا ” SLIM “، و قادنا الحديث إلى تفسير ابن عاشور المشهور باسم التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد».
وكان هذا التفسير النفيس من بين معروضات المكتبة آنذاك في طبعة من ثلاثين (30) جزءاً. و هو من تأليف الاستاذ الجليل (صاحب الصورة المرفقة) الشيخ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي المولود في سبتمبر 1879م والمتوفى يوم 12 أغشت 1973م.
أذكر أن الاستاذ سيد أحمد قال لي يومذاك إنه صادف في مكان ما من ذلك التفسير تفسيرا علميا لنهاية الكون!
ومن أعظم الصدف أنني اطلعتُ صباح اليوم – ولأول مرة – في ذلك التفسير على ذلك التفسير من حيثُ لم أكن أتوقع.
قال ابن عاشور عند قوله تعالى في الآية 38 من سورة يس: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}:
“ومستقرها تحت العرش ، وهذا تمثيل وتقريب لسير الشمس اليومي الذي يبتدىء بشروقها على بعض الكرة الأرضية وينتهي بغروبها على بعض الكرة الأرضية ، في خطوط دقيقة ، وبتكرر طلوعها وغروبها تتكون السنة الشمسية .وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش (الواردة في حديث أبي ذر الهروي في صحيحي البخاري و مسلم و جامع الترمذي بروايات مختلفة) وهو سمت معيّن لا قبل للناس بمعرفته ، وهو منتهى مسافة سيرها اليومي ، وعنده ينقطع سيرها في إبان انقطاعه وذلك حين تطلع من مغربها ، أي حين ينقطع سير الأرض حول شعاعها لأن حركة الأجرام التابعة لنظامها تنقطع تبعاً لانقطاع حركتها هي وذلك نهاية بقاء هذا العالم الدنيوي”!
قلتُ: يقفز إلى ذهني هذا الموضوع كلما تصاعد الحديث في العالم عن الانحباس الحراري. وقرأتُ مؤخراً أن الخبراء يقررون أن كل شيء في الكون سينطفئ تدريجيا بما في ذلك النجوم والثقوب السوداء بفعل البرودة الحتمية. وهذا ما يصطلح عليه أيضا بـ”الوفاة الحرارية” للكون، التي قد يحدث إما تدريجيا أو على شكل انفجار كوني عظيم (Big Rip) أو “الفتق الكبير”.
ومن أطرف ما اطلعتُ عليه في هذا المجال أن مجلة ابريطانية استطلعت سنة 2017 آراء خمسين شخصية عالمية من الحاصلين على جائزة نوبل في مختلف التخصصات حول السيناريوهات الأكثر احتمالا لنهاية الحياة فوق كوكب الأرض. وكانت النتيجة أن رصد هؤلاء عشرة احتمالات أطرفها ” أنانية البشر وانغماسهم في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها إضعاف الطابع الإنساني”!

وهنا تذكرتُ قول امحمد بن أحمدْ يوره يصف ظاهرة وقعت في عهده :

الشمسُ مُخضرّةٌ في زيّ مرآةِ
والجوُّ فيه اخضرارٌ قطُّ لم ياتِ

إن لم يكن من علامات القيامة ذا
فإنه من علامات العلامات !

محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ

رحم الله السلف وبارك في الخلَف.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى