إخراج القيمة في الزكاة بقلم/ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ورضي الله عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد فهل يجوز دفع القيمة في الزكاة ؟ وهل يجوز دفع القيمة في زكاة الفطر ؟ وما أدلة الجواز ؟وما أدلة المنع ؟
قال محمد مولود بن أحمد فال
وقيمة الزكاة عنها تكفي لدى الإمام الحنفي والجعفي
وهو الذي به يقول أشهب ومثله للعتقي ينسب
ولكن الصحيح عنه المشتهر عدم الاجزا وعليه المختصر
قال الأحناف
” ويجوز دفع القيمة في الزكاة والفطر والكفارة والعشر والخراج والنذور لا في الهدايا والضحايا”
وقد وافق البخاري الأحناف في هذه المسألة فقال في صحيحه
باب العرض فى الزكاة .
واستدل على ذلك بعدة أدلة فقال :
1. وقال طاوس قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس فى الصدقة ، مكان الشعير والذرة أهون عليكم ، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة .
العرْض : ما عدا النقدين . والخميص بالصاد : فكساء أسود مربع له علمان .
والخميس : بالسين هو ثوب طوله خمسة أذرع و أما
واللبيس : الملبوس فعيل بمعنى مفعول .
2. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” تصدقن ولو من حليكن » . فلم يستثن صدقة الفرض من غيرها ، فجعلت المرأة تلقى خُرْصها وسِخَابها ، ولم يخص الذهب والفضة من العروض .
الخُرص :الحلقة التي تـُجْعَل من الأذن. السخاب : القلادة .
3. واحتج البخاري بحديث أنس رضي الله عنه ( ومن بلغت صدقته بنتَ مخاض وليست عنده وعنده بنتُ لبون فإنها تُقبل منه ويعطيه المصَدِّق عشرين درهما أو شاتين فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء )
فأخْذُ سن بدلَ سن وأخْذ الفرْق يدل على جواز دفع القيمة في الزكاة
قال العيني وهو حنفي في عمدة القاري
” اعلم أن الأصل في هذا الباب أن دفع القيمة في الزكاة جائز عندنا، وكذا في الكفارة وصدقة الفطر والعشر والخراج والنذر، وهو قول عمر وابنه عبد الله وابن مسعود وابن عباس ومعاذ وطاووس. وقال الثوري: يجوز إخراج العروض في الزكاة إذا كانت بقيمتها، وهو مذهب البخاري، وإحدى الروايتين عن أحمد. ولو أعطى عرضا عن ذهب وفضة، قال أشهب: يجزيه. وقال الطرطوشي: هذا قول بيِّــــــــــن في جواز إخراج القيم في الزكاة، قال: وأجمع أصحابنا على أنه لو أعطى فضة عن ذهب أجزأه، وكذا إذا أعطى درهما عن فضة عند مالك وقال سحنون: لا يجزيه وهو وجه للشافعية، وأجاز ابن حبيب دفع القيمة إذا رآه أحسن للمساكين، وقال مالك والشافعي: لا يجوز، وهو قول داود. ”
قال ابن رشيد : وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل .
وقد ألف ألمحدث المغربي أحمد بن محمد بن الغماري الحسني كتابه (تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ) وقد حقق هذا الكتاب وعلق عليه الأستاذ نظام بن محمد صالح يعقوبي فأحسن التحقيق والتعليق
وقد حشد أحمد بن الصديق الغماري الأدلة على جواز دفع القيمة في زكاة الفطر واحتج لذلك لذلك باثنين وثلاثين وجها من وجوه الأدلة فأجاد وأبدع :
وقال (ص: 45-46)
” وأما إخراج المال فهو قول جماعة من الصحابة والتابعين منهم الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف … وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة وهو قول جماعة من المالكية كابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن دينار وابن وهب على ما يقتضيه إطلاق النقل عنهم في تجويز إخراج القيم في الزكاة الشاملة لزكاة المال وزكاة الرؤوس بخلاف ما نقلوه عن ابن القاسم وأشهب من كونهما أجازا إخراج القيمة في الزكاة إلا زكاة الفطر وكفارة الأيمان .”
وقال (ص: 110-111) ” إن الوقوف مع النص والتمسك بالظاهر فيما هو بين العلة واضح الحكمة قلب للحقائق وعكس لمقاصد الشارع …..لأن التعويل على قصد المتكلم ومراده لا على الألفاظ لأنها لم تقصد لنفسها وإنما قصدت للمعاني والتوصل بها إلى معرفة المراد فلو تمسكنا اليوم بالنص في زكاة الفطر وأخرجنا التمر والزبيب لما كنا ممتثلين ولا مزكِّـــــــين ولهذا نص الفقهاء على أن الأعيان المنصوص عليها لا تجزي إلا لمن كانت قوته ..”
أما المانعون من إخراج القيمة فمن أهم أدلتهم أن الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى وقد أمر الله تعالى بإيتاء الزكاة في كتابه أمرا مجملا وجاءت السنة ففصلت ما أجمله القرآن وبينت المقادير المطلوبة فيجب الالتزام بذلك
وقد رجح الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه فقه الزكاة (ج2ص:805) – بعد أن استعرض أدلة الفريقين -مذهبَ الحنفية
فقال : ” والواقع أن رأي الحنفية أليق بعصرنا وأهون على الناس وأيسر في الحساب . ”
فإخراج القيمة في الزكاة مذهب قوي يذكر ولا ينكر
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.