الرقص على ازرار ..الافكار/ كدالي انجبنان المامون
صوت انواكشوط: في الزاوية البعيدة على حصير بالي اخذ هاتفه بعد معركة الشاحن المقطوع وبعد انتصاره عليه حتى اسقى هاتفه العتيق رشفة من الطاقة، جلس متربعا بكل ثقة ليسحب إليه عدة الشاي المركونة غير بعيد في زاوية “لمبار” .
بعد تفحص لقنينة الغاز الفارغة لم يجد على طاولة اواعي الشاي سوى القليل من السكر في العلبة الخاصة به،
يصيح: ” امريم حكللا سوليلي النينة كان كازهم صايب وطفكيل تلقيمه من الوركه..ايسلمك”..
بدأ يتحقق من ازرار الهاتف ليبدأ النقر عليها، وعلى وجه صاحبنا ابتسامة تضيع بين المرارة والفقر والبطالة والمسؤولية.
– محمدو شاب كافح من أجل دراسته تجاوز كل المراحل لم يرسب، ولكن الظروف قيدته ومسؤولية اختين و والدة لم تترك له خيار المواصلة، .. محمدو نجح في البكالوريا شعبة العلوم الطبيعية الا انه لم يلتحق بالجامعة، بسبب عائلته التي لا تملك كبدا ولا سبدا من متاع هذه الدنيا.
بعد الشهادة عمل محمدو في دكان لبيع المواد الغذائية لفترة تنقل فيها بين عدة محلات.. حتى وجد وظيفة فراش في إحدى المؤسسات.
كي يتفرغ بعد العصر للمراجعة، حينا، لم تسمح له وظائفه السابقة التي تقلدها في مجال التجارة بذالك!.
-بدأ من حيث يرى ويفهم الحياة بكل بساطة’ من الساعة التي هو فيها..كتب على شاشة هاتفه المكسورة.. ما الضير في أن تقوم وزارة الإسكان بتنظيف العاصمة من الفقراء وتقوم ببناء مدينة خاصة بهم بعيدا عن مدينة البطارين.. تفصل بينهم حدود .. بعد توفير الأساسيات البسيطة مثل الماء والكهرباء، وبما أن مفوضية الأمن الغذائي من حق المحتاجين تبنى لها إدارة تقوم بالتكفل بهم
طرح السؤال ولم يتعب محمدو نفسه بفلسفة إجابة اللا ممكن..، بعد أن أحضرت له “امريم” قنينة الغار وبقايا شاي الجيران المتبقي من شاي النينه الظهر..
((التكافل الاجتماعي))..
“حك جنبه الأيمن”، فكر مليا ثم كتب: ‘ (عندنا يوجد تكافل اجتماعي، (سند الضعيف على الضعيف)،
واصل النقر على ازرة النوكيا منتشيا ..(لماذا مثلا لاتكون هناك معونات تقسمها الدولة على الفقراء والمحتاجين، تخصص لها مفوضية الأمن الغذائي أماكن خاصة، مثل الكثير من دول العالم مثلا)!.
يعود بعد برهة ورشفة عالقة في قعر كأسه من ابراد الأول، ليواصل التساؤلات: ..(اين قرب المواطن من الإدارة التي حين تتقدم فيها لمعاملة مثلا او لوظيفة تجد من يستلمها منك لا يملك اي مؤهل علمي يمكنه من تأدية ما أسند إليه، فاحرى أن يفهم حق المواطن على الموظف!
تبا! ..كأنه تنبه لأمر ما..
يواصل الفكرة على هاتفه..(هذا بالضبط هو مكمن الفشل الذي تعانيه اداراتنا، أبناء المدراء ورثة مكاتب الاباء “مملكة” الوالد، مؤسسة القبيلة، إدارة الجهة المحسوبة على الوجيه وأبنائه وعشيرته، فقدان الاحساس بالوطن والمفهوم الضيق لمفهوم الحياة اصلا)!،
يعود محمدو بذاكرته إلى الماضي القريب.. مدارسنا لا تهتم بتربية النشء، الا على المفاهيم التي تنمي فينا الأنا الفئوية الضيقة بخلق تعليم لكل فئة غير مبالين بالتربية المدنية لغرس حب الوطن في قلوب اجيالنا)..
يضيف على ما كتب سابقا.. (وتقوم وزارة التعليم ببناء مدارس للفقراء في حيهم الجديد بعيدا عن مدارس الاغنياء الخاصة)!..
يحاول أن ينزع الابريق الثائر فوق الغاز.. كأنه يشارك المدون المهموم بأفكاره وحلوله التي ينقلها على صفحة مارك الحرة!..
(لماذا لم نتعلم احترام رموز بلدنا ،العلم،النشيد، الشعارات التي يجب غرسها في عقول أبناء وطننا)،
يكرر محمدو هذه العبارة!.. وهو يضيف السكر على شايه الفائر.
يعود لشاشة هاتفه؛
..وتفرض في مدارس حينا مادة التربية المدنية، ليتربى ابناؤنا على حب الوطن وخدمة المواطن وزرع الحب بين مكونات الشعب، لا فرق وفروق، لا فئوية ضيقة، يكتفي كل واحد بما قسم له.. يغرس احترام الدولة عند الطفل اول ما يضع قدميه على عتبة الفصل..
يضع “النوكيا” جانبا ويشرد بذهنه بعيدا ويواصل امنياته وتساؤلاته التي لا يجهد نفسه من أجل وجود حلول لها.
..( أين الحث على التكافل الاجتماعي الذي هو افراز حقيقي لحب ابن البلد (المواطن)، مهما كان جنسه أو لونه، أو دينه أو عرقه!؟
يتناول هاتفه من جديد ليبدأ الرقص باصابه على ازراره.
..(نعم اخوتي”لم تتكلف اي حكومة عرفها البلد بوقف على ضعيف، رغم وجود وزارة الاوقاف المخصصة لعلمائنا وفقهائنا! لماذا لم يسأل احد عن ما تقوم به هذه الوزارة وما قدمت منذ نشأتها؟!،
هل سمع احد منكم بوقف او عون لمسكين أو فقير من هذه الهيئة أو الوزارة؟!
اين تذهبت؟ تلك المساعدات التي تتلقاها من الهيئات الخيرية ومن المنظمات الإسلامية والخيرية عبر العالم؟!
رغم أنها الوحيدة المخولة لتسلم تلك الهبات للشعب الفقير)!!..
يحتسي محمدو كاسه الممسك بأطراف الأصابع مع هزة خفيفة، اخيرة يضعه بعدها جنب الكؤوس المرصوصة بعناية فائقة!
يضع الابريق على نار الغاز المخفف ..ويشرد بنظره صحبة عقله بعيدا وهو ممسك بهاتفه “النوكيا” كأنه يستوحى باطنة محيطه التعس والجبان عله ينجده، أو يريه سبيل الرشاد!..
سلام.
دمتم طيبين أن شاء الله.