ثقافة

داكار وازدهار التجارة والأدب الموريتانيين في الثمانينات

ظلّ شارع “ري سيس RUE 6” في حي مَدينَا العريق بدكار شاهدا حيًّا على ازدهار حَضارة الموريتانيين في السنغال في عِقدَي السّبعينات والثّمانينات فقد كانت الجاليةُ تُسيطِرُ على أغلب محلاّتهِ العامرةِ بمختلفِ أنواع التجارة المحليّة والوافدة ، وبجنبهِ في حي گلتابى يقع سوق اللحوم حيث “الذبايح واسكايط والمُشاريه والعود وأفشاي ” عبارات حسانية تصبح عليها السّوق وتٌمسي ..
وما شارعُ ري سيس هذا إلا نموذجا واحدا من مئات وآلاف الشوارع والمحلات التي كانت تشهد حضورا قويا للموريتانيين في السنغال
بلغ تعداد الجالية قُبيل الأحداث 400 ألف نسمة أي نحو خُمس سكان موريتانيا تلك الفترة وعشرة أضعاف عدد الجالية حاليا كان موجودا في السنغال في النصف الثاني من الثمانينات مابين شيخٍ وتاجرٍ وطالبٍ ومنمي وجزارٍ وبزّارٍ وخياطٍ وصانعٍ تقليدي وفنان وغير ذلك ..
الشّيء الذي عبّر عنه السّفير الحادي عشر لموريتانيا لدى السّنغال السيد محمد عبدالله ولد الخرشي اطال الله عمره ذات لقاءٍ مع الرئيس عبدو ديوف بأن العلاقةَ بين الدولتين زواجٌ دائمٌ لا طلاقَ فيه …
” انظر الصورة المرفقة من جريدة Le Soleil بتاريخ 29 اكتوبر 1987″.

لقد ازدهرت حضارة البيظان في دكار أيما ازدهار ووجد الأدباء مرتعا خصبا لأغراض الأدب فتغنى مؤرخ موريتانيا العلامة المختار ولد حامدن على الشارع المئاوي avenue du centenaire :

اما والواحد الأحد الخبير :: بكنه الغيب من ذات الصدور
لقد جذب العيونَ اليه جذبا :: بمرأى منه يزهو للبصير
مَمَّدُّ الشارع المئَوي طولا :: حصير وهو أملس من حصير

وألقى الشاعر الكبير ناجي محمد الإمام قصيدته “عذراء دكار”
لله كم فيـــــــكَ من عذراء يا َدكــــرُ :: فتـــــانةِ اللحظ لا تبقي ولا تذرُ
ياشاعر الحسن هذا الحسنُ أجمعه ::
من طود لبنان فيه القد والحورُ
ما أنس لا أنس لُقيانا علي عجلٍ ::
في قلب داكار حيث الوردُ و الزهرُ
قالت وقد دُهشتْ أني أُخالسها :: فحصاً :ألا أيها الإنسانُ ما الخبرُ
فقلتُ عاشق حُسن بلْه عابـــــده
لولاك ماشردت عينٌ ولا أثــــــرُ

وعَتبَ الأديب الراحل افكو ولد بحميد على مريم منت المختار قائلا :
مريم منت المختار:: جاتْ اليوم الْ دكار
ألا گاشوشْ انهار :: مضّاتو واسّدبات
گول إلهَا عن لخبار:: تبگ فالدار اعيات
ءُ گول إلهَا عن لمگاد :: امنين إلْ جات اتبات
ءُ گول إلهَا عنه زاد :: أراهيّ غزات
وسجلت المرحومة ديمي وسدوم شريطا فنيا في دكار شاع وذاع بعد ذلك ،

وتذكر خالد الذكر جمال رحمه الله معاهد الصّبا مع أهله في حي واكام في الجانب الغربي من دكار هذه المرة وليس من “تنيخلف” أيام كان والده رجل الدولة المرحوم محمد عبدالله ولد الحسن سفيرا لموريتانيا في دكار فقال :
أوَكامُ من بعد عليك سلام :: ذهبت بحرّ جمالك الأيام
أنكرت منك وقد عرفت معالما :: وبدت وقد خفيت بك الأعلام…
إلى بقية الأبيات المشهورة..

آنذاك كانت مياه الشافي الموريتانية هي موضة الشراب المقدّم عند المكاتب الرسمية السنغالية وفي صالونات ونوادي دكار ..
راجت التجارة وربِحَ البيعً والناس مابين غاد ورائح بين الضفتين ،
يَمُرُّونَ بِالدَهنا خِفافاً عِيابُهُم · وَيَخرُجنَ مِن دارِينَ بُجرَ الحَقائِبِ ·

يتواصل …
محمدن ولد عبد الله
المدير الناشر لشبكة رياح الجنوب
الصورة من إرشيف الأستاذ Ahmed Mahmoud Jemal Ahmedou .

#رياح_الجنوب


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى