
ظرافات.. وظرفاء (30) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو
ذاع صيت ابن دريد ومقصورته لما تضمنته من حكم وفوائد في ثوب أدبي أنيق. وقد “عارضها” محمد بن عبد الواحد، الملقب بصريع الدلاء وقتيل الغواشي (ت 412 هـ) وهو شاعر غلب على شعره الهزل والمجون، بمقصورة تعمد فيها التركيز على تحصيل الحاصل منها:
من لم يرد أن تنتقبْ نعاله ** يحملها في كمه إذا مشى
ومن أراد أن يصون رجله ** فلبسه خير له من الحفا
من دخلت في عينه مسلة ** فاسأله من ساعته عن العمى
من أكل الفحم يُسَوِّدْ فَمَه ** وراح صحن خده مثل الدجى
من صفع الناس ولم يَدَعْهُمُ ** أن يصفعوه فعليهم اعتدى
من ناطح الكبش يُفَجِّرْ رأسه ** وسال من مفرقه شبه الدما
من أكل الكرش ولا يغسِلُهُ ** سال على شاربه ذاك الدوا
من طبخ الديك ولا يذبحُهُ ** طار من الْقِدْرِ إلى حيث يشا
من شرب المُسْهل في فعل الدوا ** أطال تردادا إلى بيت الخلا
من مازح السَّبْعَ ولا يعرفه ** مازحه السَّبْعُ مزاحا بجفا
من فاته العلم وأخطاه الغنى ** فذاك والكلب على حد سوا
والدرْج يلفى بالغشاء ملصقا ** والسرج لا يلزق إلا بالغرا
فاستمعوها فهي أولى لكمُ ** من زخرف القول ومن طول المرا
وفي آخرها يقول عن مقصورة ابن دريد ومقصورته:
فتلك كالدر يضيء لونها ** وهذه في وزنها مثل الحذا.