قصة شيقة بين الإمام بداه ولد البوصيري وشاب سلفي
هو البحر غُص فيه إذا كان ساكنا :: على الدر، واحذره إذا كان مزبدا
حدّث محمد المهدي ولد محمد البشير قال:
كنا مرة مع الشيخ بداه ولد البوصيري سنة 1995 أو 1996 (في بيته العامر بلكصر) فسئل عن فتوى للشيخ المحدث الألباني بكراهة بناء العمارات الطويلة؟
فقال: لا باس ببنائها، ثم أردف:
أنا لا أعرف الألباني، وقد تتبعت فتواه بتحريم “الذهب المحلق” فوجدته لم يترك حديثا صححه غيره إلا ضعفه، ولا حديثا ضعفه غيره إلا صححه، وكأنه يريد أن يقول لنا ها أنا فاتبعوني، ونحن كن صايبين عن الألباني ..
قالها باللهجة الحسانية، ساد صمت رهيب …
قال أستاذ ثانوية – من رموز السلفية في موريتانيا يوصف بأنه محدث – :
لا ينبغي لطلاب العلم أن يفهموا كلام الشيخ على ظاهره، فأهل العلم لا ينبغي للطلاب أن يفهموا كلامهم بعضهم عن بعض على ظاهره ..
استشاط الشيخ بداه غضبا وقال له:
من قال لك أن تفسر لهم كلامي بحضرتي؟! ..
أنا شيخك وعرفتني قبل أن تعرف الألباني ..
ثم أردف أنا ليست لدي مع الألباني خصومة، وقد أرسلت إليه رسالة قلت له فيها “إنني أحسدك حسد غبطة لاهتمامك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ثم نثر كنانة علمه، وبدأ يسرد الخلاف بين الفقهاء بعضهم بعضا، وبينهم وبين المحدثين، قائلا للشاب السلفي ما قلته ليس صحيحا انت تتحدث عن كلام الأقران بعضهم في بعض، كقول الإمام أبي حنيفة عن الأعمش إنه لم يصم رمضان قط ولم يغتسل من جنابة..
يا إلهي -هكذا قال لنا الشيخ – وهو في فورة غضبه التي لم تخرجه عن هيبته ووقاره، أو تجعله يغير هيئته، أو يرفع صوته أكثر من المعتاد …
ثم أردف دخل أبو حنيفة على الأعمش يعوده فقال أبو حنيفة: يا أبا محمد لولا التثقيل عليك لزدت في عيادتك
فقال له الأعمش: والله إنك علي لثقيل وأنت في بيتك فكيف إذا دخلت علي.
قال أبو حنيفة لمن معه إن الأعمش لم يصم رمضان قط، ولم يغتسل من جنابة !! كان يرى الماء من الماء و يتسحر على حديث حذيفة .
ثم ذكر لنا الخلاف بين الإمام مالك والإمام محمد بن إسحاق وما جرى بينهما …. وكلام الامام مالك في أهل العراق ..
ثم قال لنا هذا هو الكلام الذي لا يضر عند أهل العلم لأن الذين يزكون العالم الذي يقدح فيه قرنه من العلماء أكثر بكثير …..
ثم قال لنا: الألباني غره علم السند، وما من سند إلا وقد تكلم فيه قبله كلاما لا يضر، فصار يصحح ما ضعفه غيره ويضعف ما صححه غيره، ولم يكن مدققا وقد زعم أن حديث كذا ليس في مستدرك الحاكم وقلت لفلان المفتون به (محمدن المالكي التندغي، وكان مراقبا بمدرسة بدر الأهلية) افتح الجزء كذا والصفحة كذا وستجد الحديث. فلما وجد الحديث في مستدرك الحاكم عاد عن افتتانه بالألباني .
ثم قال: كثير من المحدثين ليسوا فقهاء ولا تؤخذ منهم الأحكام وضرب على ذلك أمثلة كثيرة ثم ذكر لنا أن البيهقي رغم أنه محدث كبير كان ” امْسيْبسَبْ” بالحسانية تحت الإمام الشافعي.
واستطرد أن المحدثين حضروا جنازة امرأة فسألتهم امرأة حائض هل يمكن أن تغسل تلك المراة؟
فأطرقوا رؤوسهم، ثم سألوا فقيها فقال لهم نعم .. قالوا له من أين لك هذه الفتوى؟
فقال: من الحديث الذي حدثني به فلان.
وقد قال الأعمش لأبي حنيفة:
أنتم معشر الفقهاء الأطباء ونحن الصيادلة.
ثم واصل الشيخ كلامه متدفقا ما يقارب ساعة ينثر من كنانة علمه الغزير ولغته الجميلة يقصف المحدثين بالمعقول ويتحدث عن “خلاف علماء السلف وعيب بعضهم بعضا”.
وكلما أراد ذلك الشاب (المحدث) أن يستشهد بدليل يحوله الشيخ إلى حجة عليه.
يومها تمنيت أن يأتينا كل يوم شخص يغضب الشيخ حتى ننهل من معين علمه الغزير.
رحمه الله تعالى ما أعلمه وأتقاه وأورعه وأشجعه وأنقاه.
كامل الود
من صفحة sidi mouhamed