من روائع الحكايات والأساطير الموريتانية (34) د. محمدو احظانا
أم الروايات
رواية: خيمة الأرنب
قالت الراوية لحلقتها:
لابد من أحجية قبل رواية الأرنب:
“حاجيتكم ما جئتكم، على أي شيء جئتكم”؟
قال المجيب الأول: لتقصي علينا رواية خيمة الأرنب”.
ردت عليه الراوية:
-جنبك الآخر.
فأجابها الثاني:
-لنسمع منك ونستفيد.
-إجابة عاقلة ولكنها غير صحيحة.
قال الثالث:
-أهيه.. جئتنا على قدميك.
فاحتفت به الراوية قائلة:
-وهل يمشي الإنسان إلا على قدميه؟!
الفصل الأول:
قال لكم ماقال لكم والبال لنا والبال لكم والبال لأولاد المسلمين:
إن الأرنب لديهاوملبةولطيفة لطيفة سمتها “جروة”.
خرجت الأرنب تتجول في الأرض، لتجد ما تصنع من خيمة تقيها الشمس والمطر، والبرد والحر، هي وكلبتها، فعثرت على حمار ميت لتوه.
****
اتخذت الأرنب من جلد الحمار خيمتها؛ ومن قوائمه الخلفية سماكيها؛ ومن قوائمه الأمامية أوتادها؛ ومن أمعائه حبالها؛ ومن أضلاعه سريرها؛ ومن شراسفه كساءها، ومن رأسه صندوقها؛ ومن فقرات ظهره حليها؛ ومن كبده حشية نومها؛ ومن كليتيه وسادتيها، ومن أذنيه كفاء خيمتها، ومن معدته قربتها، ومن رئتيه خابيتيها؛ ومن قلبه حقيبتها؛ ومن حوافره آنيتها؛ ومن عينيه مصباحيها.
****
حمدت الأرنب ربها على النعم التي أعطاها. فأقامت سعيدة في خيمتها الجديدة تعشي وتمشي.. في سعادة غامرة وبذخ ظاهر.
الفصل الثاني
شاء الله أن تمر قافلة تحمل الذرة والفاصوليا من “شمامه”، وكان البرد شديدا عليها، فنزلت بخيمة الأرنب.
قال لها شيخ القافلة:
-أعيرينا خيمتك الجميلة الدافئة هذه الليلة لتقينا البرد، وسنكافئك بمد من الفاصوليا.
فقبلت الأرنب.
****
بات رجال القافلة في خيمة الأرنب في دفء ودعة، وباتت الأرنب وكلبتها تحت قطار قربتها ترتعدان من شدة البرد.
كان رجال القافلة متعبين جدا فناموا نوما عميقا على الفراش والسرير وتدحرجوا في كل اتجاه، فمزقوا خيمة الأرنب عن غير قصد، وحطموا ما بها من جهاز ثمين.
****
في الصباح سلمت القافلة حقها للأرنب مدا بالغا من الفاصوليا.فحملته على رأسها إذ لم تعد لديها خيمة، وأخذت تبحث في وجهها عن مأوى جديد.
الفصل الثالث
نزلت الأرنب على غزال فالتهم الفاصوليا دون إبطاء.
قالت له الأرنب:
-ياغزالي، ياغزالي أعطني فاصولياي؛ فاصوليا أعطاها لي ضيوفي؛ ضيوفي باتوا تحت خويمتي؛
وبت أنا وكليبتي تحت قطار قريبتي.
****
أعطاها الغزال قرنا فحملته حتى مرت على سقاء يفتل رشاء بئر فاستعار منها القرن ليحكم به تركيب قطع رشائه، فانكسر.
قالت له الأرنب:
يا سقائي.. يا سقائي.. أعطني قرني؛ قرني أعطاه لي غزالي؛ غزالي أكل فاصولياي؛ فاصولوياي أعطاها لي ضيوفي؛ ضيوفي باتوا في خويمتي، وبت أنا وكليبتي تحت قطار قريبتي.
****
أعطاها السقاء قعبا من اللبن فسارت به حتى مرت بامرأة تخيط خيمتها، فأعارتها اللبن وسقته المرأة لبنتها.
****
قالت الأرنب للمرأة:
خياطتي.. يا خياطتي.. اعطني لبني؛ لبني أعطاه لي سقائي؛ سقائي كسر قرني؛ قرني أعطاه لي غزالي؛ غزالي أكل فاصلياي؛ فاصولياي أعطاها لي ضيوفي؛ ضيوفي باتوا تحت خويمتي، وبت أنا وكليبتي تحت قطار قريبتي.
أعطتها المرأة مخيطا فحملته معها حتى مرت بسيدة ليس لديها ما ترقع به قربتها، فقالت لها:
-أعيريني مخيطك أرقع به قربتي أيتها الأرنب السخية.
فلما أعارته لها اتلفته المرأة عليها.
****
قالت الأرنب للسيدة:
-راقعتي.. يا راقعتي..
أعطني مخيطي؛ مخيطي أعطته لي نساجتي؛ نساجتي أخذت لبني؛ لبني أعطاه لي سقائي؛ سقائي كسر قرني؛ قرني أعطاه لي غزالي؛ غزالي أكل فاصولياي؛ فاصولياي أعطاها لي ضيوفي؛ ضيوفي باتوا تحت خويمتي، وبت أنا وكليبتي تحت قطار قريبتي.
الفصل الرابع
أعطت راقعة القربة إبرة للأرنب، فذهبت بها على وجهها حتى مرت بغدير غزير وبينما هي تشرب منه فسقطت عليها إبرتها في أعماقه.
فقال له الأرنب للغدير:
-غديري.. يا غديري..
أعطني إبرتي؛ إبرتي أعطتها لي راقعتي؛ راقعتي أتلفت مخيطي؛ مخيطي أعطته لي نساجتي؛ نساجتي أخذت لبني؛ لبني أعطاه لي سقائي؛ سقائي كسر قرني؛ قرني أعطاه لي غزالي؛ غزالي أكل فاصولياي؛ فاصولياي أعطاها لي ضيوفي؛ ضيوفي باتوا تحت خويمتي، وبت أنا وكليبتي تحت قطار قريبتي.
****
لم يسمعها الغدير بسبب خرير الجدول الذي يسيل فيه.
فأمرت الأرنب كلبتها – -جروتي.. ياجروتي..لغي.. لغي حتي تجدي لي إبرتي..
فلم تزل تلع الماء حتى كاد يبقر بطنها.
قالت الراوية:
وأخذت أنا نعلي، ورجعت عنهما سالمة، أحدث عن خيمة الأرنب دائرا عن دائر.
م.أحظانا