ثقافة

ظرافات وظرفاء (31) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو

سكن كمال الدين علي بن محمد بن المبارك الشهير بابن الأعمى دارا من فئة 5 نجوم تحت الصفر فقال فيها قصيدة يصعب – في نظري- أن يقرأها الشخص العادي دون أن يقشعر جلده:
دار سكنت بها أقل صفاتها ** أن تكثر الحشرات في جنباتها
الخير عنها نازح متباعد ** والشر دان من جميع جهاتها
من بعض ما فيها البعوض عدمته ** كم أعدم الأجفان طيب سِناتها
وتبيت تسعدها براغيث متى ** غنت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه ** قد قدمت فيه على أخواتها
وبها ذباب كالضباب يسد عين ** الشمس ما طربي سوى غناتها
أين الصوارم والقنا من فتكها ** فينا وأين الأسد من وثباتها
وبها من الخطاف ما هو معجز ** أبصارنا عن وصف كيفياتها
وبها خفافيش تطير نهارها ** مع ليلها ليست على عاداتها
وبها من الجرذان ما قد قصرت ** عنه العتاق الجرد في حملاتها
وبها خنافس كالطنافس أفرشت ** في أرضها وعلت على جنباتها
لو شم أهل الحرب منتن فسوها ** أردى الكماة الصيد عن صهواتها
وبنات وردان وأشكال لها ** مما يفوت العين كنه ذواتها
أبداً تمص دماءنا فكأنها ** حجامة لبدت على كاساتها
وبها من النمل السليماني ما ** قد قل ذر الشمس عن ذراتها
ما راعني شيء سوى وزغانها ** فتعوذوا الله من لدغاتها
سجعت على أوكارها فظننتها ** ورق الحمام سجعن في شجراتها
وبها زنانير تظن عقارباً ** حر السموم أخف من زفراتها
وبها عقارب كالأقارب رتع ** فينا حمانا الله لدغ حماتها
كيف السبيل إلى النجاة ولا نجاة ** ولا حياة لمن رأى حَيّاتها
منسوجة بالعنكبوت سماؤها ** والأرض قد نسجت على آفاتها
فضجيجها كالرعد في جنباتها ** وترابها كالرمل في خشناتها
والبوم عاكفة على أرجائها ** والدود يبحث في ثرى عرصاتها
والجن تأتيها إذا جن الدجى ** تحكي الخيول الجرد في حملاتها
والنار جزء من تلهب حرها ** وجهنم تعزى إلى لفحاتها
شاهدت مكتوباً على أرجائها ** ورأيت مسطوراً على جنباتها
لا تقربوا منها وخافوها ولا ** تلقوا بأيديكم الى هلكاتها
أبدا يقول الداخلون ببابها: ** يا رب نج الناس من آفاتها!
قالوا إذا ندب الغراب منازلاً ** يتفرق السكان من ساحاتها
وبدارنا ألفا غراب ناعق ** كذب الرواة فأين صدق رواتها؟
صبرا لعل الله يعقب راحة ** للنفس إذا غلبت على شهواتها
دار تبيت الجن تحرس نفسها ** فيها وتندب باختلاف لغاتها
كم بت فيها مفرداً والعين من ** شوق الصباح تسح من عبراتها
وأقول: يا رب السماوات العلى ** يا رازقاً للوحش في فلواتها
أسكنتني بجهنم الدنيا ففي ** أخراي هب لي الخلد في جناتها
واجمع بمن أهواه شملي عاجلاً ** يا جامع الأرواح بعد شتاتها.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى