أعلام

عن حماه الله/ محمد ناجي أحمدو

كان اسم حماه الله ولد السالم يطرق أسماعنا، ونحن لما ندخل الجامعة مصحوبا بعبارات التقدير والاحترام..
لما دخلنا الجامعة كان حماه ملء السمع والبصر في قسم التاريخ، لقد كان زملاؤنا هناك يخافونه ويعتبرون من يسلم من إقصاء حماه الله في مادة المدخل في السنة الأولى بطلا..
كان لنا في قسم الترجمة أمثلة منه، ومن بينهم اخديجة استاذة النحو، لحسن الحظ كنت من المرضي عنهم من طرفها، ذلك حديث اعتراضي فلنعد إلى ظهر الشور..
لقينا حماه أوقاتا كثيرة في بيفيت حبيب وحواليها، كان الشاب الذي ينظر إلى الأعلى كثيرا، ويتعامل معنا بأريحية، ويناقشنا نحن الذين لا ندرس في قسم التاريخ، في حين يفرنقع عنه طلابه، الذين يَدْعُون به، كان شخصا ٱخر لا ينتمي إلى طينة أساتذة الجامعة الذين لغالبيتهم نمط خاص من الانغلاق حتى لا أقول التزمت..
مرة كنت شاهدا على مجزرة ارتكبها حماه الله، وحز فيها رؤوس نسبة 90 في المائة من طلابه في السنة الأولى، كانت علامة 1 على عشرين توزع مجانا ولا تباع..
الأوراق كانت مودعة عند طالبة تمضغ علكة في جلسة بيفت حبيب الشمالية الشرقية، وكان المشهد فرجة لنا، وسلوة لضحايا اخديجة منا.
قلت أنا، ولتكن كلمة مباركة، إنني عندما أحصل على واحد من عشرين في مادة أيا تكن مكتوبة بلغتي، فإنني سأترك الجامعة، وأضع عربة على ظهري، والله الفتاح..
وبدأت فورا حلقة من حلقات الاتجاه المعاكس في غياب فيصل القاسم، وحماه الله الذي كان أحد ضيوفه المتواترين أيامها..
رماني الضحايا عن قوس واحدة، ولكنني كنت “باسلا” وربما “أسدا” في رد الهجوم العنيف..
ثم تحول الحوار إلى امتحان لشخصي الكريم، حيث سألني أحد الضحايا الأشاوس ثلاثة أسئلة عن المداراة والماركنتينية وإعراب ﴿ناقة الله وسقياها﴾، وللأسف الشديد فقد نجحت في الامتحان، رغم أنني لست طالبا في قسم التاريخ..
نهاية الحوار كانت ودية، فقد خففتُ حدة الهجوم، وتوسلت للضحايا بعض الأعذار، وأغلق الملف، بعد أن اكتشفت أنني أحرجت إخوتي..
لقيت حماه الله بعدها في الجامعة مرات، كان يعاملني كأخ أصغر، ويناقشني في كثير من القضايا، وازداد إعجابي به كثيرا..
عرفت أن حماه الله رجل تخطى ما شاء الله مرحلة الذكاء إلى الألمعية، وأنه صاحب خط فكري ورؤية خاصة به، قد تختلف معه؛ لكنك حين تعرفه حق المعرفة لا يمكن إلا ان تحترمه..
مناسبة هذه الحروف هي الهجوم الذي قوبل به دخول الرجل القوي للفيسبوك وتدويناته ومقالاته التي عدها البعض أحاديث خرافة..
والحقيقة أنه لو كتب أي واحد منا كل ما يعرف لرمي بالكذب، لضحالة عقول العامة..
والحقيقة أن الرجل بطرقه مواضيع بالغة الغموض والعمومية والضبابية، وعدم تعزيزه مكتوباته بأسماء ووقائع يضع نفسه في مواجهة الرأي العام الذي يميل إلى الهجوم على الٱخر..
ولو اكتفى الدكتور بالكتابة عن مواضيع أخرى يجلي فيها لقوبل ذلك بتلقف وترحيب واسع من الجمهور..
فبعض ما كتب عنه، مواضيع مثيرة وشائقة وذات مقروئية هائلة، ولكن الكتابة عنها تتطلب أمورا وأدلة يضعها الكاتب تحت أيدي قرائه، وأعلم أنه ليس بإمكان الرجل الٱن ولا في المستقبل المنظور تقديم تلك الأدلة للعلن حتى وإن كان يمتلكها لعوائق ابستمولوجية وذاتية وخارجية..
هذا، وبالله التوفيق..


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى