ثقافة

حَنانيكَ أَعْرِقْ في البلادِ و أَنْجِدِ/ مديح نبوي

أسيرُ إلى المَعْنَى وما انفَكَّ مَوْرِدي
بَعِيداً وحِبري قد تَساقطَ مِن يَدي
أمرُّ على عادٍ وأيَّامِ بابِلٍ
وجُبِّ تَباريحِي وقِصةِ هُدهُدي
تَوغَّلتُ في قَحطانَ من سبإٍ وفي
مَشارفِ بُصرَى والجزيرةِ أَجتدي
وصارعتُ أحلامَ الذين مضوْا سُدًى
على حافةِ التاريخِ من زُمرةِ النَّدِي
أقولُ لِقلبي و الأُمورُ تَزاحمتْ :
حَنانيكَ أَعْرِقْ في البلادِ و أَنْجِدِ
فأَبصرتُ أَطلالاً وصحراءَ.. خيمةً
و رُهبًا و إذلالاً .. و كَفَّ مُشَرَّد
نِساءٌ يُغَطينَ المَجابةَ حُسَّرا !!
وأَعيُنُ مَشدوهينَ تَرنُو إلى غَد
و تَمْلَؤُ أُذْنَيَّ استغاثةُ عابرٍ
و صرخةُ بِنتٍ و انتحابُ مُعَبَّد
طَرَقتُ على أبوابِ لَهْفَتِيَ الأََسى
بجسمٍ نَحيلٍ و احتمالٍ مُفَنَّد
وتَغمُرني بُشرى بنِ مريمُ بِالجَوى
فأَسْقِي الدُّنا مِن شوقِيَ المُتَجَدِّد
هُنالكَ حيثُ النورُ يَخترقُ المَدى
وتَنفطرُ الدُّنيَا لِأَعظَمِ مَوْلِد
نَبِيٌّ يَسحُّ الغيمُ مِن خَلفِ سيره
فتُزهِرُ أََشجارُ الحِمى بالزَّبَرْجَدِ
ضِيَاءٌ يُغَطِّي الغارَ .. وَحْيٌ يَهُزُّهُ
ومَسْرًى علىَ ظهرِ البُراقِ بِمِصعَد
مُحمَّدُ ياصَرحَ المَكارمِ و العُلا
و يا مَلجأَ الجاني وَفَكَّ المُقَيَّد
أَغِثْ عَرَبًا هانتْ دِماءُ بَنيهمُ
وسُلَّ عليهمْ كُلُّ سَيْفٍ مُهَنَّد
وذي أُمّةُّ الإسلامِ تَشكو ضَياعها
ثِيابَ العُلى خَلَّتْ وللذُّلِّ تَرْتَدي
يَودُّ عَلِيٌّ دِرعَهُ مِن شُرَيحِه
فَيَرسُمُ للرائينَ أََرْوَعَ مَشهَد
تَصَوَّفْتُ في مِحرابِ ضَوْئِك سَيِّدي
و لَمْلَمْتُ أَشتاتي و نَزْفَ تَعدُّدي
وأشرَبُ مِن أَنوار وَجهكَ بَهجَتِي
و أُطلقُ يا مَلايَ فيكَ تَقَيُّدي .
على مَوْعِدي في الحُبِّ آتي وإِنَّني
لَآتي الهَوى صَبًّا على غَير مَوْعد
فما الحُبُّ إلا أَن تذوبَ نُفوسُنا
وتَرقَى خُطانا في سَماءِ مُحَمَّد ..
إليكَ رسولَ الله أَشكو خَطيئتي
و إِصرارَ نفسي و انهزامَ تَجَلُّدي
بِرَوضَتِكَ الفيحاءِ أَوقَفتُ مَركَبِي
وسَطَّرتُ أَقلامي وشَيَّدتُ مَسجِدي
مَديحُكَ فَحواهُ انتفاضةُ حُرْقَتي
ومَوطنُ أحلامي و طِينةُ مَحتِدي
يُراوِدُني حَرفي و أَوراقُ دِفتَري
فأَنْأى و أُبدي للحُروفِ تَمَرُّدي
تَخَلَّيتُ عن سِربِ المَجازِ فسامَني
سَلاسَةُ لَفظٍ و انسيابُ مُعقَّد
و أَغْفُو وقد نامتْ جُفونُ قَصيدتي
وأَرهقَنِي الإبحارُ في شَطِّ مَقصَدي
أتم سلامِ الله يتلو صلاتَه
عليك مع الأصحابِ يا خير سيد .

الشاعر، الأستاذ:
محمد الرضا ابلول


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى