العودة من الموت و” يمين افنيده” – العودة من الموت و” يمين افنيده”
ساعة من السفر فيما يشبه الاعصار ، كاد البرق فيه أن يخطف أبصارنا؛ وكلما هممنا بجعل أصابعنا في آذاننا “من الصواعق حذر الموت ” أبعدناها لا إراديا ف ” لا عاصم اليوم من أمر الله ”
طلب الركاب من السائق أن يتوقف حتى ينتهي هذا الإعصار القوي فرفض بشدة رغم انه لم يعد يرى أمامه من شدة المطر والصواعق ” وبدأ يعظنا : ” توقف السيارة لن يغني عنكم من الله شيئا ”
بدأت الأصوات تتعالى مابين “تكبير وتسبيح واستغفار ” .
لقد توقفت عقارب الساعة ولم نعد نشعر بأن الوقت يمضي!
تهاطل المطر. بقوة واشتدت الصواعق وكادت السيارة تنقلب بنا مرات، فمكابح السيارة تمردت هي الأخرى عدة مرات على السائق .
غمم أحد الركاب في استسلام : الحمد لله أنها ليلة الجمعة لعل الله يغفر لنا ببركة فضلها إن قتلتنا هذه الصواعق يبدو أنها النهاية. وبدأ يختم .
النهاية ؟ همست لنفسي! ولكن ماذا أعددت لهذا الموقف ومن أين سأبدأ؟ بدأت خطيئاتي وذنوبي تتراقص أمام عيني ! دخلت في عالم آخر. ؛ ياله من عرض صارت كل ذنب لي يخاطبني بمفرده :
هل تذكرين؟ عندما اقترفتيني بكل جرأة ودون خوف أو وجل ؛ هل فكرت في هذه اللحظة التي ستقفين فيها منفردة ومتجردة إلا من عملك وما جنت يداك ؟ ثم يزاحمه جرم آخر أكثر خطورة وهو يقول “ابتعد أيها الذنب ما أنت إلا خطيئة بسيطة مقارنة بي . وهكذا تدافع ماجنت يداي واقترفته عن سبق الاصرار والترصد أمام عيني في شماتة واحتقار وانا لا أملك من الأمر. شيئا !
ولكن ارحموني أكاد افقد بصري وسمعي وانتم يا “ذنوبي ” ستقضون على ماتبقى من عقلي في أكثر وقت أحتاج فيه إلى الثبات .
بدأت افقد الرؤية. وشعرت بصداع شديد. وكأن أحدهم يضرب على راسي بمقامع من حديد .
كانت يداي ترتجفان بقوة. ؛
ولكن ماذا تفعلان ؟ هل بدأت شهاتدكما علي. ؟ لطفك يارب أنا لم استعملهما فيما امرتني به
توسلت اليهما أن تسترا على ولكنك تعلمين يا “منت ميحيم” أنهما مأمورتان وستشهدان عليك وتصاممت عن ذلك حين كنت في أوج قوتك واستهتارك ؛
رجلاي ؟ ما الذي جرى لهما. لم أعد أشعر بانهما تحملاني .
لقد تخليتا عني أيضا ولديهما ما تخبران به .
وانت أيها القلب اللعين أكثر عضو أتعبني بأمراضه التي لا تحصى كثرة وتنوعا وأهوائه المتقلبة !ألا أستحق عليك خمس دقائق من الثبات في هذه اللحظات الحرجة التي قد تكون هي الأخيرة لي في هذه الحياة الدنيا؟
كان القلب أكثر الأعضاء لؤما وجبنا وأنانية فقد أجابني بعدم اكتراث :
“يداك أوكتا وفوك نفخ ” ! اللعين تنصل من المسؤولية وحملها لغيره!
أفنيت مامضى من عمري في تلبية رغباتك أيها القلب وها أنت تخذلني ؛
تناهى إلى صراخ بعض الركاب إثر صاعقة قوية كادت تودي بحياتنا جميعا؛
ولكن لم لم أصرخ مثلهم ؟ يبدو أنه قد ختم على فمي أيضا
حتى أنت أيها اللسان ؛ ولكن أي شفقة أنتظرها منك وقد أوردتني الموارد وستكبكني حصائدك فيما لا تحمد عقباه ؛
كم من مجلس غيبة وبهتان ونميمةكنت أيها اللسان فارسه بلا منازع بفضل تشجيعي ومساعدتي؛ فكيف أنتظر منك مواساتي وأن “تبقى رطبا من ذكر الله ” في هذا الوقت ؟
بدأت الأعضاء التي أفنيت شبابي في تتبع أهوائها تتخلى عني عضوا عضوا. كل واحد منها يتنصل من مسؤولية الذنوب التى اقترفتها بمساعدته كل عضو منها يقول ” نفسي نفسي انت من لطختيني وانت من لوثتيني! انا بريئ ”
زاد السائق من سرعة السيارة وزاغت الأبصار. وبلغت القلوب الحناجر وهمس صوت بداخلي “رب ارجعون ” .
أنا بحاجة لعمر جديد انتقم فيه من هذه الأعضاء اللئيمة التي تخلت عني بكل بساطة وكأننا لم نجتمع على المعاصي ولم تظهر سرورها لي يوما ولم تبتهج بما كنت أفعله بها .
– لقد وصلنا يمكنكم النزول من السيارة! قالها السائق وهو يشعر بنشوة الانتصار لأنه لم يتوقف في الطريق كما طلبنا منه .
كيف عرفت أننا قد وصلنا في هذا الظلام الدامس وقد توقفت شبكات التغطية عن العمل وانقطعت الكهرباء وبدا في أول وهلة لنا أنها أول ليلة من ليالي الآخرة. نزلنا من السيارة في رعب شديد. ، ابتلت ثيابنا وبدأت الأعضاء والحواس بوجه مكشوف تعرض علي احتياجاتها، أنا بحاجة للأكل، الشراب ، النوم ، الراحة ، إليكم عني لا أعرفكم ولا تعرفونني!
جلست أخيرا في ركن مظلم من المنزل أتساءل من أين سأبدأ حياتي الجديدة دون الرغبات والأهواء وأمراض القلب وأهوائه ؟
لقد كدت أهلك لولا أن تداركتني رحمة من الله ولقد أرجعت إلى الدنيا بتفضل من الله لا أستحقه وعلى أن أعمل صالحا فيما تركت ! قد لا تتكرر لي الفرصة.
أقسم أن لا أفعل بعد اليوم…….. وان لا أقترف …….. وأن لا أرتكب جرما………..!
ابتسمت لي ” الغفلة ” أشد الذنوب خطرا وأكثرها قدرة على الاستحواذ على وقالت لزملائها من الخطايا : ” اتركوها تنام الآن. بعد هذه الرحلة المرعبة وسترون انها ستسيقظ آخر الليل بحثا عن ” الريزو ” أكثر مساعديي كفاءة وقدرة على استقطاب أمثالها.
ثم سخرت الغفلة من العهد الذي أخذت على نفسي من ترك الذنوب والمعاصي قبل قليل وهي تقول:
“يمين افنيده ال مسموع بيها “! البركة في أبنائي البررة. الفيسبوك ومجموعات واتساب.
من صفحة منت امحيحم الفاضلية