آراء وتحليلات

نجاح دبلوماسي كبير / محمد الأمين الفاضل

مع بداية تشكل نظام متعدد الأقطاب، وانتهاء نظام القطب الواحد، فإنه قد يكون من الضروري لدبلوماسية بلادنا أن تلتفت شرقا، ودون أن تدير ظهرها للغرب، وهذا بالضبط هو ما تعكسه الزيارات الأخيرة لفخامة رئيس الجمهورية ومعالي الوزير الأول.

الالتفات شرقا

في ظل بروز الصين كقوة اقتصادية كبرى، وفي ظل الحضور العسكري الروسي على حدودنا الجنوبية، والذي أصبح واقعا لا يمكن تجاوزه شئنا ذلك أم أبينا، يكون في هذه الحالة من واجبنا أن نلتفت شرقا للاستفادة اقتصاديا من الصين (القوة الاقتصادية التي أصبحت اليوم تنافس ـ وبقوة ـ أمريكا)، وكذلك لتحصين بلادنا أمنيا من خطر الوجود العسكري الروسي، والذي أصبح يتمدد في المنطقة من خلال قوات “فاغنر”.

زيارة سيكون لها ما بعدها

كانت زيارة الصداقة والعمل التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية إلى جمهورية الصين الشعبية ابتداءً من يوم الجمعة الموافق 28 يوليو 2023 زيارة ناجحة وبكل المقاييس، وكان من نتائجها:

1 ـ إعفاء موريتانيا من 150 مليون إيوان من الديون الصينية (حوالي 8 مليارات أوقية قديمة)؛

2 ـ اتفاقية إطار بين البلدين في إطار مبادرة “الحزام والطريق”؛

3 ـ إعطاء رئيس مجلس الدولة الصيني تعليماته للجهات الفنية في بلده بالشروع الفوري في إجراء الدراسات الفنية الضرورية لإنجاز مشروع صرف صحي في مدينة نواكشوط. إن تشييد صرف صحي بالعاصمة نواكشوط سيكون واحدا من أهم مشاريع البنية التحتية الكبرى في البلد، وهو مشروع طال انتظاره كثيرا، وكان من المفترض أن ينجز منذ عقود. للتذكير فإن في سجل الصين مشاريع كبرى أنجزتها لصالح العاصمة نواكشوط، ومن تلك المشاريع ميناء نواكشوط المستقل الذي رفض الغرب تشييده بحجة أن كلفته كانت كبيرة، ومنها أيضا توفير المياه من بحيرة “إديني” لسكان نواكشوط، وذلك بعد موجة عطش شديدة عرفتها العاصمة نواكشوط بسبب تعطل في محطة تصفية مياه البحر؛

4 ـ قبول الرئيس الصيني للدعوة التي وجهها له فخامة رئيس الجمهورية لزيارة بلادنا، وفي حالة تمت هذه الزيارة، فسنكون أمام زيارة تاريخية، فهي ستكون أول زيارة يقوم بها رئيس صيني لبلادنا، فلم يحدث أن زار أي رئيس صيني موريتانيا، حتى في عهد الرئيس الراحل المختار ولد داده، والذي كانت علاقات الصين مع بلادنا في عهده علاقات قوية جدا.

نعم كانت علاقاتنا مع الصين قوية جدا، ولكن لم يحدث أن زارنا رئيس صيني، وذلك في وقت كانت فيه زيارات رؤساء الصين إلى السنغال تتكرر، ومن المعروف أننا كنا قد سبقنا السنغال في إقامة علاقات مع الصين.

 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى