كيف نحدُّ من هجرة الشباب إلى أمريكا؟ / محمد الأمين الفاضل
إن هذا الهروب الجماعي للشباب الموريتاني إلى أمريكا يستدعي منا ـ حكومة ونخبا ـ وقفة جدية للحد منه، لكونه أصبح يشكل خطرا حقيقيا على البلاد، سواء تعلق الأمر بالجانب الديمغرافي أو الاقتصادي أو الأمني.
إن واجب الوقت يقتضي منا أن نبحث عن إجابة على السؤال الذي يطرحه العنوان، وهذه محاولة أولية للإجابة على ذلك السؤال.
وقبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نُذكر بثلاث حقائق :
الحقيقة الأولى: أن موريتانيا من البلاد البكر على مستوى المشاريع الصغيرة، وما تزال هناك الكثير من الفرص لإطلاق الكثير من المشاريع الصغيرة …للأسف ما زال الأجانب هم من يستغلون أكثر تلك الفرص؛
الحقيقة الثانية : أن كلفة هجرة شاب إلى أمريكا، والتي تصل إلى 4 ملايين أوقية قديمة كافية لإطلاق مشروع صغير …يزداد الأمر أهمية عندما تقرر مجموعة من الشباب إطلاق مشروع مشترك …كلفة هجرة 10 شباب تصل إلى 40 مليون أوقية قديمة، فماذا لو قرر 10 شباب أن يتخلوا عن الهجرة، وأن يطلقوا مؤسستهم الخاصة بالأموال التي كانوا سينفقونها على الهجرة ( 40 مليون أوقية قديمة )؛
الحقيقة الثالثة: أن ما يمكن أن يجمعه شاب بعد 10 سنوات من العمل في أمريكا، إن أتيح له العمل هناك، لن يكون أكثر مما يمكن أن يربحه نفس الشاب بعد 10 سنوات إن هو أطلق مشروعا صغيرا بالمال الذي كان سينفقه على الهجرة ( 4 ملايين أوقية قديمة).
يمكن القول – بعد التذكير بهذه الحقائق الثلاث – بأن هذا الهروب الجماعي إلى أمريكا يمكن أن يُحَدَّ منه من خلال :
1 ـ إطلاق حملات واسعة لتوعية الشباب بأن ما ينفقون على الهجرة قد يحقق لهم مكاسب أكبر إن هم استثمروه في بلادهم من خلال إطلاق مشاريع صغيرة؛
2 ـ أن تهتم الحكومة أكثر بالتكوين والتأهيل الحرفي، و كذلك بتوفير المزيد من القروض الصغيرة للشباب.
3 ـ أن تحارب الفساد بشكل صارم لأنه بدون محاربة صارمة للفساد فإن كل البرامج التنموية ستبقى عديمة الجدوائية؛
4 ـ أن تطلق جائزة باسم رئيس الجمهورية للمقاولات الشبابية الناجحة؛
5 ـ العمل بكل ما هو متاح من وسائل من أجل خلق هجرة شبابية إلى الزراعة، وأن تكون تلك الهجرة ليست أقل عددا من هجرة الشباب إلى أمريكا. علينا أن نعمل من أجل أن يكون عدد من “ينقبون” عن المال في “شمامة” ليس بأقل ممن ينقبون عنه في منطقة “التماية”.
إن أهم درس يمكن أن نستخلصه من جائحة كورونا وإغلاق معبر الگرگرات والحرب على أوكرانيا هو أنه علينا أن نفكر من الآن و بشكل جدي في تحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء، ولن يتحقق ذلك إلا بسواعد الشباب.
نعم لتشجيع الشباب على الزراعة من خلال تكوينهم ومنحهم قروضا ميسرة وشراء ما يتحقق من محاصيل بأسعار مغرية من طرف الدولة..يمكن للدولة أن تخصص نسبة معتبرة من المبالغ النقدية التي توزع على الفقراء، أن تخصصها لشراء المحصول الزراعي بأسعار مغرية، وتوزيع ما اشترته على الفقراء.
على المستوى الشخصي، وحتى أكون من الذين يعملون ببعض ما يقترحون، فإني أؤكد في هذا المجال بأن جمعية خطوة للتنمية الذاتية ستعمل مستقبلا على إطلاق برامج للتكوين والتدريب لصالح عدد من الشباب الموريتاني.
حفظ الله موريتانيا…