ثقافة

إنصافا للوسيط وصاحبه ..

تعود بداية العلاقات مع هذا الكتاب منذ سنة 1999 حين وجدت منه في مكتبة جدي رحمه الله نسخة متآكلة : صفراء في أوراقها ذبول يفرح من رؤيتها الكهول
وقد لازمته وقرأت جميع مواضيعه ومررت بكل تراجمه وأيامه وجغرافيته وأمثاله الخ … وكثيرا ما أرى وأسمع من يتهم صاحب الوسيط اتهامات كثيرة منها التعصب وعدم الموضوعية والقصور ، وأنا لست منكرا أن صاحب الكتاب قد وقع في أخطاء ولحقه بعض القصور ، لكن يكفيه فضلا أنه السابق إلى التأليف في هذا المجال ، والطارق لأرضه البكر ، ويكفيه هذا الاهتمام وهذا الطموح الفريد الذي جعل منه ذا حافظة قوية وذاكرة تختزن هذا الكم الضخم من المعلومات عندما دفعت به الغيرة على وطنه حين رأى جهل المشارقة به وبأعلامه وآدابه انبرى للكتابة فإذا هو عنده ما يكتبه من ذاكرته وحفظه .

وبما أن نقده يتوجه دائما إلى جانب كتابته عن التاريخ ، فإن عذره في ذلك واضح ، فالرجل ليس مؤرخا في الأصل ولم يحصل هذا العلم لغرض التأليف فيه ، وإنما جاء ذكر التاريخ عرضا وتكملة للجانب الأدبي ، فمن غير الإنصاف أن نطالبه بالدقة في هذا الجانب وهو إنما استأنس بروايات سمعها في محيطه ، أو نقلها أثناء رحلته ..

أما من الناحية الموضوعية والأمانة في النقل فأرى أنه كان من أحسن المؤلفين الذين جاؤوا بعده والذين كتبوا عن التاريخ قصدا ولكن طوحت بهم العواطف وانجرفوا مع سيولها ، أما هو فيكفيه أنه نقل حروب قبيلته وأيامها ولم يستح من ذكر هزيمتها في بعضها .. ويكفيه كذلك شهادته لأكبر خصم علمي له هو العلامة ابن التلاميد ودفاعه عنه حين تعرض للجاجة ممن كانوا يناظرونه في مسألة لبس الخف الأسود .

خلاصة القول ، إن صاحب الوسيط من فتيان هذه البلاد الذين قل نظيرهم في حجم ما يمتلكون من معلومات وما اتصفوا به من طموح عز وجوده ، من خلاله مثلوا بلادهم أحسن تمثيل ونقلوا ثقافته بأمانة فكانوا خير سفير لها بموسوعيتهم وقوة شخصيتهم ، مع الأخذ بعين الاعتبار صغر سنه مقارنة بغيره من الأعلام ..
والله الموفق

الأستاذ/ سيدي صالح ولد افاه


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى