ثقافة

أدبيات – العطر

ادبيات 80 :
العطر :
فى لسان العرب “العطر اسم جامع للطيب جمعه عطور، والعطار بائعه، والمعطارة التى تتعهد نفسها بالعطر” وانشد:
علق خودا غادة معطاره / اياك اعنى واسمعى يا جاره
والعطر انواع، منه ماهو نباتي مثل العود الهندي، وما يستخلص من الازهار والرياحين، ومنه ما هو حيواني مثل العنبر ومسك الغزال.
والعطر من اعظم نعم الله تعالى واكثرها اثارة للبهجة والحبور ،
وقد ظل الشعراء منذُ القدم يتغنون بطيب محبوباتهم، بل كان العطر شيئا مركزيا فى الغزل كأحد اهم مظاهر الرفاه ورغد العيش .
يقول النابغه:
الم تر أنى كلما جئت طارقا / وجدت بها طيبا وان لم تطيب
عقيلة اتراب لها لا دميمة / ولا ذات خلق ان تأملت جأنب…
ويقول علقمة الفحل:
يحملن اترجة نضح العبير بها / كأن تطيابه فى الأنف مشموم
كأن فارة مسك فى مفارقها / للباسط المتعاطى وهو مزكوم…
وفى مرحلة شعرية لاحقة تطور انتشار العطر، فانتشر فى الاوديه والوهاد التى يمررن عليها او يقطن فى اكنافها وحملت اريجه الصبا ليشمه العشاق واحتفظت امكنة “منهن” ببعض الشذى لإثارة اشجان العابرين يقول النميري متغزلا بزينب بنت يوسف وموكبها فى الحجيج :
تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت / به زينب فى نسوة عطرات
له أرج من مجمر الند ساطع / تطلع رياه من الكفرات
اعان الذى فوق السماوات عرشه / مواشي بالبطحاء مؤتجرات
يخبئن اطراف البنان من التقى / ويقتلن بالالحاظ مقتدرات
اما العباس بن الاحنف فاختلط عليه حابل الطيب بنابله ف”شاله آمرزى” من طيب الحبيبة إلى طيب الماء الذى يعنى العذوبة
واستُحسن ذلك لأن العذوبة والطيب ملة واحه :
جرى السيل فاستبكانى السيل اذ جرى / وفاضت له من مقلتى غروب
وما ذاك إلا حين أيقنت أنه / يمر بواد انت منه قريب
يكون أجاجا دونكم فاذا انتهى / إليكم تلقى طيبكم فيطيب
وكان الشريف الرضى عليه السلام مستنشقا جيدا للشذى عارفا بمسارات العطر ومصادره يقول:
هبت لنا من رياحالغور رائحة / بعد الرقاد عرفناها برياك
ثم انثنينا إذا ما هزنا طرب / على الرحال تعللنا بذكراك
سهم اصاب وراميه بذى سلم / من بالعراق لقد ابعدت مرماك
اما امير الشعراء احمد شوقى فتحتفظ له الرياض فى ديار احبته
ببعض العطر:
ولقد مررت على الديار بروضة / غناء كنت حيالها القاك
ضحكت إلي وجوهها وعيونها / وشممت فى انفاسها رياك..
وفى سيرة العطر الطيبة يبدو “عطر منشم” استثناء حيث ضرب المثل بشؤمه، ومنشم امرأة من خزاعة كانت تبيع الطيب بمكة،
ويقال إن قوما تحالفوا للقتال فأدخلوا ايديهم فى طيبها ،ثم خرجوا للحرب فقتلوا جميعا فتشاءمت العرب به،
يقول زهير بن ابى سلمى:
تداركتما عبسا وذبيان بعد ما / تفانواْ ودقوا بينهم عطر منشم
وقد كانت العرب تسمى باسماء العطر مثل الورد والعنبر
والعنبر بن عمر ابن تميم هو الجد الجامع لقبيلة بلعنبر
وامهم “ودغة” التى يضرب المثل بحمقها والتى ذكرها الامام البدوي رحمه فى نظم عمود النسب بقوله:
ودغة ام بنى الجعراء / بلعنبر بن عمر الغوغاء.
وابوالمسك كنية كافور بن عبد الله الاخشيدي سلطان مصر قال ابن خلكان فى ترجمته “كان كافور عبدا لبعض اهل مصر واشتراه ابوبكر محمد بن طغج سنة 312 هجريه وترقى فى خدمته فجعله “اتابك” ولده واعتقه وكان رجلا حازما ذكيا”
واستقل بحكم مصر سنة326 هجريه.
قال وكان يعظم اهل العلم والادب ، وانتقل إليه ابو الطيب المتنبي ومدحه بقصائد من عيون شعره يقول متحدثا عن جياده فى رحلته إليه :
قواصد كافور توارك غيره / ومن قصد البحر استقل السواقيا
فجاءت بنا انسان عين زمانه / وخلت بياضا خلفها ومآقيا…
ودعاه ابو الطيب بكنيته فى قوله
ابا المسك هل فى الكأس فضل اناله / فإنى اغنى منذُ حين وتشرب
وهبت على مقدار كفي زماننا / ونفسى على مقدار كفيك تطلب
احن إلى اهلى واهوى لقائهم / وأين من المشتاق عنقاء مغرب
فان لم يكن إلا ابو المسك او هم / فانك احلى فى الفؤآد واطيب
وكل امرء يول الجميل محبب / وكل مكان ينبت العز طيب…
٠وهو المعني فى قول ابن عاصم :
مازلزلت مصر من سؤ يراد بها / لكنها رقصت من عدلكم طربا.
وذلك اثر زلزال ضرب المحروسة ايام حكمه.
يقال إنه دفن فى القرافة الصغرى، ويروى أنه دفن بالقدس.
وقد وردت ابيات خاطب بها بعضهم قبره تثير الشك فى صحة ذلك وهى:
مابال قبرك يا كافور منفردا / بالصحصح المرت بعد العسكر اللجب
تدوس قبرك آحاد الرجال وقد / كانت اسود الشرى تخشاك فى الكتب
اذا علمنا أن “المرت” تعنى المفازة الخالية من الحياة وهى صفة لا تنطبق على المقابر فى القرافة ولا فى القدس، وعلى ذكر المقابر والقدس، يخصص الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي فى قصيدته
“القدس” مقطعا للمقابر هناك فيقول:
فى القدس تنتظم القبور كأنهن
سطور تاريخ المدينة والكتاب ترابها
فالكل مروا من هنا
فالقدس تقبل من اتاها كافرا او مومنا
امرر بها واقرأ شواهدها بكل لغات اهل الارض
فيها الزنج والافرنج والسلجاق والبشناق
والتاتار والاتراك اهل الله
والملاك والفقراء
فيها كل من وطئ الثرى
أرأيتها ضاقت علينا وحدنا
يا كاتب التاريخ ماذا جد فاستثنيتنا؟
وفى هذه القصيدة ايضا مقطع خاص بالعطر يناسب المقام:
فى القدس رائحة تركز بابلا والهند
فى دكان عطار ب”خان زيت”
والله رائحة لها لغة استفهما اذااصغيت
وتقول لى اذ يطلقون قنابل الغاز
المسيل للدموع لا تحفل بهم
وتفوح من بعد انحسار الغاز
وهى تقول لى أرأيت؟
من صفحة Chikh Hadramye


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى