وقفة مع “لقاء الرئيس مع الفاعلين الإقتصاديين المحليين” / القصطلاني سيد محمد إبراهيم
مرة أخرى نسمع من فخامة الرئيس خطابا واقعيا يلامس احلام الفقراء، و مرة اخرى يضع يده على جرحنا الأليم.
لقاء الرئيس مع الفاعلين الإقتصاديين المحليين، المعنون تحت شعار (من اجل موريتانيا منتجة)، كان لقاء يخاطب الواقع و يستشرف الأمل و يستنطق الإرادة.
واقع بلد فقير لطاقة حركية فاعلة، غني بطاقاته الكامنة.
إنه لقاء يحاول أن يحول طاقاتنا الكامنة إلى طاقة حركية.
فنحن بلد غير منتج، بلد تعتمد فيه الموارد على البيع و الشراء و المنح.
لدينا ثروة ذات ابعاد متعددة، سكان ليسوا بالكثير، اغلبهم من فئة الشباب حيث النشاط و الحيوية، و أرض فسيحة تطل على نهر و مليئة بالاودية، و شاطئ غني بالاسماك و قفار تخزن في بطونها كنوزا بادية على ظهورها.
و أنعام كثيرة في الشرق و الشمال و الجنوب.
ثم مع ذلك لدينا رجال أعمال من العيار الثقيل يستثمرون أموالهم في الخارج.
إذن ما تحتاجه موريتانا هو ان تخطو خطوة للإنتاج.
و لا شك ان إستثمار أبنائنا و رجال أعمالنا في ثروات بلدهم انفع لهم و لنا.
من هنا كان اللقاء مميزا بل ضروريا.
إن دعوة الرئيس لرجال الأعمال بتوجيه إستثماراتهم لبلدهم و عرض التسهيلات الضرورية لذلك، هي دعوة تحتاجها موريتانيا اكثر من حاجتها لأي تنمية اخرى.
إن زراعة آلاف الهكتارات و تنمية آلاف رؤوس الأنعام بأسلوب حضاري حداثي، و تطوير سبل الصيد المحلي إستخراجا و صناعة، و إنشاء مصانع كبرى للإستثمار في مجال المعادن.
كل ذلك يوفر من السيادة للبلد و التشغيل للشباب و الدعم للأسعار و النمو للأقتصاد، ما لا تستطيع ان توفره حكومات متتالية لفترات طويلة.
ذلك ان سياسة الإنتاج تختلف تماما عن سياسة الاستهلاك، فهما ضدان لا يشتركان.
يبقى أن نراقب و نواكب و نكافئ و نعاقب.
سيدي الرئيس…
إن رهان التنمية المستدامة منوط بحضوركم شخصيا في تفاصيل الأحداث اليومية، فتلك نقطة في غاية الأهمية تحتاج الإستمرار، غابت عن كل محطات السياسات الحكومية المتتبعة خلال الحقب الماضية.
سيدي الرئيس.
إن حضوركم الرقابي لزيارة مؤسسة من مؤسسات التعليم مثلا، بشكل مفاجئ و توجيه الانتقاد لها بشكل مباشر و صريح، يعطي للتعليم دفعا لا يستطيعه ذلك المدير الجاد المخلص الذي أتعبته السنين و هو يحاول أن يقدم جديدا في ظل إدارة فاسدة لا رقابة عليها.
سيدي الرئيس.
جميل ان تنتقد الواقع بنفسك و تبين الخلل من خلال متابعاتك الشخصية دون أن تسأل بعض الموالين الذين ينسبون كل خلل لمزايدات المعارضة، و يزينون لك ما لو نفضته لصعد غباره مجيبا لسؤالك.
سيدي الرئيس…
إن الإنجازات التي ذكرتم و التي هي إجراءات موفقة و حكيمة كان لها اثر كبير في مواجهة الفترة الاستثنائية التي مر بها البلد .
تلك الانجازات لو تتبعتها بعين فاحصة و رقابة حازمة و تفتيش عميق، لوجدت أن هنالك فرق كبير بين الأرقام الكبيرة المبشرة التي نقرأ على الورق و القسمات الحزينة التي تبدوا على وجه المواطن البسيط الذي إنما كتبت تلك الارقام لتخفف آثار الحزن عنه.
و لا أقول ذلك انتقادا للإنجازات و إنما لأبين أهمية الجانب الآخر المتعلق بالفساد و خطورته.
إن من خطورة الفساد و المفسدين أن تتحول الإمكانات الكبيرة التي تعبت الدولة في تحصيلها، و الخطط الرائدة التي تعبت الأفكار في إعدادها، تتحول إلى مجرد شعارات تمرر في فترة الانتخابات للتلاعب باذهان المواطنين الذين أجهدهم الجوع و الفقر حتى ما عادوا يميزوا بين خيط الفساد الأبيض و خيطه الأسود.
سيدي الرئيس…
جميل ان ننتهج سياسة يد للإنتاج و الايراد و يد لتوقيف الشر و الافساد
لكن ذلك لن يكون إلا بالرقابة المستمرة و المتابعة الدورية و الحضور الميداني لشخصكم الكريم في تفاصيل ما يحدث.
سيدي الرئيس المحترم ،
حكومتنا الموقرة،
رجال المال و الاعمال!
إن تسيير موارد الشعب و إمتلاك الأموال، أمانة جعلها الله في ايديكم فأدوا الأمانة ما استطعتم، و استحضروا ثقلها و عظمها، و كونوا رقباء على أنفسكم و على من إئتمنتم، حتى تخرجوا هذا الشعب الفقير من وحل الفقر الذي أوقعه فيه الفساد و الإفساد.
فلقد وضعكم الله في موضع جلل فيه حقوق الناس، فاتقوا الله في رعيتكم و تذكروا دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله
“اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به” رواه مسلم..