المقامة العريشية/ الأديب اباه ولد خطاط
جميل جدا
كتب الاستاذ شاعرالبردة أباه خطاط
المقامة العريشيه أوالحنفيه
حكى ضل بن ضل عن هيان بن بيانْ
المعروف بالفصاحة والبيانْ
أنه مذ ميطت عنه التمائمْ
ونيطت به العمائمْ
لايال جهدا فى طلب العلمْ
ولا يتوانى عنه فى حرب ولا سلمْ
فبينما هو في بعض محاظر شنقيط العريقهْ
الجامعة بين الشريعة والحقيقهْ
جالسا بين كثبانْ
مستظلا بشجرة بانْ
بيده طرة الإحمرارْ
الطرة البونية النجارْ
يراجع أيا فى الموصولْ
وهو يجول ويصولْ
خائضا بين الخليل والزجاجْ
معركة أصعب من جبر الزجاجْ
والكسائي منهزم وثعلبْ
يروغ كما يروغ الثعلبْ
إذ بلجبة كلجبة الجيشْ
وقائل يقول لله درك من عريشْ
فقام مفارقا موضعهْ
ومستصحبا طرته معهْ
ليعلم ماهي الكارثهْ
وما الفاجعة الحادثهْ
وكان فى تلك المحظرة السنيهْ
ذات الدروس النيرة السنيهْ
أعرشة كثيرهْ
و في وسطها ربينة غزيرهْ
تارة يرغب فيها لعيونها الجاريهْ
وطورا يرغب عنها لما حولها من الماشيهْ
بيدَ أن هناك عريشا منها غير بعيدْ
بل أقرب من حبل الوريدْ
دائما لها بالمرصادْ
بحيث تجمعهما كأس الشاي أويكادْ
وقد تجري بينهما مكالمهْ
تفضي أحيانا إلى ملاكمهْ
ولاسيما إن أخلفت السحابْ
وقلت في المراعي الأعشابْ
إلا أنها ذالك الحين بلغت الحدْ
ولم يُجْدِ فيها أحدْ
فأشار عليهما أحد الحاضرينْ
ولا يدرى من أي الواردين
عليهما بحضور الحاكمْ
ليضرب على يد الظالمْ
فطاوعاه مطاوعة الولد لأبيهْ
والمريد لمربيهْ
قال الراوي كان هذا هو ما سمعتْ
واللجَبة التي منها فزعتْ
فأخذت طرتي وذهبت في أول من ذهبْ
لأشاهد المحاكمة عن كثبْ
فلما حضرا الحاكمَ العدلْ
المشهودَ له بالفضلْ
وقد كان ممن يرى فضل الأدبْ
ويطلبه من كل من هب ودبْ
اقترح أن تكون المشاجرهْ
شبه مشاعرهْ
فحينئذ قامت الربينة واستطالتْ
وأشارتْ إلى الحاضرين وقالتْ
أنا الربينة كم قد ظل يزدحم
بساحتي العربُ العرباء والعجم
والحمر والعاديات الجردُ تعرفني
و المرسلات من البعران والغنم
والخيل والطير والأبقار تعرفني
جدا ولاسيما إن ضنت الديم
لولا أنا ما استقامت أي حاضرة
كلا ولا لاح من أعلامها علم
كم قرية أرسلت شهما يراودني
منها فولى وفي أحشائه الضرم
ولست كالبير كل تحت قبضته
الطفل والخود والمسكين والهرِم
هذا وقد سبني هذا وسفهني
فاحكم بما شئت أنت العدل والحكم
فقال الحاكم أما أنتِ فقد وضح خطابكْ
وأتيت بما حواه ِوطابكْ
وأما أنت ياحبيب القلوبْ
فأعرب عن ما في نفس يعقوبْ
فقام العريش وارتعدْ
ورفع عقيرته وأنشدْ
أنا العريش الذي تسمو به الأمم
العلم والحلم والأخلاق والكرم
والحج والصوم والمعروف تعرفني
والنسك واللوح والقرطاس والقلم
وليس يجهل قدري غيرُ جاهلها
وهم سواء ورب البيت والنعم
أنا السراج لمن يبغي الهدى وأنا
من تستبان به الأحكام والحكم
كم ظل يدرس في ظلي وفي كنفي
كلامنا هو لفظ فاد والكلم
وراعف وإمام جا بخامسة
وخصصت نية والبيع والسلم
هذا ولولاي ما عاشت بها أمم
كلا ولا عرفت عاد ولا إرم
فضحك الحاكم حتى دمعت عيناهْ
مدكرا قصة أبي زيد وفتاهْ
فلما استعاد سكينته وأنابْ
واستغفر من ضحكه وتابْ
قال أرى لكما رأيا ألمعيَّا
وحلا وسطا مجدياَّ
أما أنت الربينة فمن المستحيلْ
اهتمامك بأي رحيلْ
وأما أنت ياعريش ياذا المزايَا
ياطلاع الثنايَا
فسأهب لك قطعة أرض فسيحهْ
ولها أجواء مريحهْ
فارحل إليها تجدها فاخرهْ
ولا ترحل عنها إلا إلى الدار الآخرهْ
واترك الربينة وما يطوف بهَا
غبيا كان أونبهَا
فإنها لاتخلو من طائفْ
وجارها الدهر خائفْ
فقال بلسان واحد الخصمانْ
ففهمناها سليمانْ
فسرعان ما ارتحل عنها العريشْ
وترك لها رسمه من الحشيشْ
قال المخبر بهذه الحكاية
لم أشهد مثلها محاكمة أدبيَّهْ
ولو ذكرت لي لقطعت إليها ألف بيَّهْ اهـ
بتاريخ محرم 1421هــ الموافق ابريل 2000م يحظيه (اباه) بن عبد الله ابن الخطاط والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات اهــ