غزواني… ففهمناها سليمان / أحمد محمود ولد العتيق
قال تعالى مخبرا عن ظلم الخلطاء لبعضهم:” لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه. وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض…” كم من مالك ألف نعجة وهو يسوم اخاه ذا النعجة الواحدة سوء العذاب.
تلك قصة الخلطاء حية في الناس مادام الزمان بهم. لكن الله تعالى يلطف بعباده فيلقي في قلوب بعضهم حب العدل والسعي إلى الإنصاف. كما الهم نبيه سليمان وفهمه الحكم العادل.
وفي الآية رقم 77من سورة الأنبياء،يقول تعالى مثنيا على نبيه سليمان حين اجتهد في حكمه الذي عدل إليه أباه داوود عليه السلام بشأن قضية الغنم التي اكلت الحرث.
يقول تعالى ” وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ” وفي الآية 78 “ففهمناها سليمان وكلا ءاتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين”
صدق الله العظيم.
وفي التفسير الميسر فهمنا سليمان مراعاة مصلحة الطرفين مع الحكم بالعدل.
وفي منطق القضايا الذي تأسس عليه علم أصول الفقه أن الجزئيات تتداخل مع الكليات المشابهة لها . وكلام الله تعالى ألفاظ كلية وشاملة ولو أن الخطاب هنا اختص به ربنا نبيه سليمان عليه السلام إلا أن ذلك لا يمنع البتة أن يلهم بعض عباده طريق الحكمة والعدل في سياسة أمور الرعية.
ومن هنا جاء استدلالنا بالآية للتنبيه إلى أنه في كل مرة نشاهد حكما عادلا من حاكم أو قاض نقول إن الله تعالى فهم عبده وألهمه الصواب في اجتهاده. إذ أن فعل العبد كما في عقيدتنا الأشعرية مخلوق له وهو يكتسبه عندما يمنحه الله القوة في السعي إليه.
إلهام الله عبده فعل الصواب وإقامة العدل هو لطف منه بعبده واستعمال له في طريق الخير.
لهذا أقول مؤسسا على ما سبق إن الله تعالى فهم قائد هذا الوطن و ربان سفينته فعل الصواب والعدل . وألهمه حب المساكين والفقراء وجعل همه الأول رفع المظالم وإحقاق الحق.
ومن أمثلة ذلك تأسيسه للمندوبية العامة لمكافحة الغبن والإقصاء ” تآزر” التي تقتفي الفقراء والمهمشين في كل مكان من الوطن عبر سجل اجتماعي أحصى هذه الفئات في كل زاوية من الوطن وبدأ إعاناته لهم تارة نقدا وأخرى سلات غذائية وإعانات أخرى.
ثم جعله قريبا من الشعب بكل فئاته يستمع ويراقب ويحاور. وما جعله “فظا غليظ القلب” لذلك اجتمعت حوله الأمة وأجمعت على أنه الربان القادم في زمن الأعاصير. قادنا في أوج جائحة كورونا فما استكان وما وهن . في حين يصرخ العالم من حولنا هلعا من ضربات كورونا وما تخلف وراءها من أزمات.
وإن ذلك لمن لطف الله به وبنا أن يسر ولم يعسر. وتلك بركة لا تخفى على ذي بصيرة.
ومما يعرفه الجميع أن السنة التى انقضت من حكم الرجل كانت حافلة برد المظالم خاصة في حقل الإعلام العمومي . ومثال ذلك رفع الظلم عن العميدين “ماموني وبونه ولد الدف” من الوكالة الموريتانية للأنباء. و يعلم الجميع أن الرجلين فصلا من عملهما ظلما وبهتانا. وما تجرأ أحد على الهمس بأنهما ظلما إلا ما كان من تضامن الزملاء،معهما.
واليوم يتوج هذا المسار الميمون برفع الظلم عن القاضي محمد الأمين ولد النينين. وإعادته إلى عمله . وفي التلفزة الموريتانية راودتنا احلامنا بوطن يحضننا ويوفر لنا فرصة عمل .
كان ذلك في العام 2014 حينما أعلنت التلفزة الموريتانية عن إجراء مسابقة لاكتتاب صحفيين من كل اللغات . عربية وفرنسية ولغات وطنية . شارك في هذه المسابقة ما يزيد على ألف شاب موريتاني يطمح إلى الإفلات من براثن الفقر والبطالة.
نجحنا في هذه المسابقة واجتزنا امتحانين “كتابي وشفهي” و دخلنا إلى التلفزة حالمين بغد افضل خاصة وأن إدارتها وعدتنا بالترسيم فور اجتيازنا فترة للتربص،قدرتها بثلاثة أشهر.
انقضت الأشهر الثلاثة وما كانت قروءا ؛ وزدناها بأربعة اشهر،وعشرا وما تركنا للقلق والخوف مما لقينا بعد ذلك بابا إلا سددناه بالرجاء والصبر واعتماد الإيجابية وسيلة للتعاطي مع المعاملة السلبية التي بدأنا نعيشها يوميا. فقد مرت بنا في التلفزة سني سبع عجاف لا نجد فيها من الرواتب إلا مبلغا زهيدا قدرته الإدارة لنا كمقابل خدمة.
لا ضمانا اجتماعيا ولا تامينا صحيا ولا حتى ثناء حسنا. كنا أشبه بالدخلاء لا حق ولا حقوق. سرح الكثير منا خاصة من الناجحين في المسابقة الخارجية .
رفعنا قضيتنا إلى القضاء منذ 2016 واعتمدنا محاميا للدفاع عن حقوقنا .
ومنذ أربعة أشهر تقريبا حكمت المحكمة بحقنا في الترسيم.
ظننا أن المدير العام الجديد للتلفزة الموريتانية السيد محمد محمود أبو المعالي سيقتفي أثر الإدارات السابقة له في إهانتنا و النيل من حقوقنا في الترسيم. لكننا فوجئنا بالرجل يحمل همنا أكثر منا و ينبري حاملا معاناتنا في قلبه إلى كل الجهات المعنية . فاستبشرنا خيرا وعرفنا أن رئيس الجمهورية يختار رجاله بعناية فائقة.
كان أبو المعالي وفيا لمبادئ رئيس الجمهورية ونهجه في الحكم بالعدل تحرى العدالة وسعى إلى رد المظالم . ولو لم يجد المدير العام للتلفزة في السلطات العليا سندا ماكان لينصفنا لأن الأبواب كلها كانت ستوصد في وجهه.
ولكن مثلما أمرعت بلادنا في هذا العام كما لم تمرع من قبل فقد كان عام 2020 رغم جائحة كوفيد 19 ” عاما فيه يغاث الناس وفيه يعصرون” . وإنما حصل ذلك بلطف الله و إلهامه رئيس الجمهورية طريق العدل والصواب.
اليوم تم ترسيمنا في التلفزة الموريتانية اعتمادا على حق اكتسبناه بنجاحنافي المسابقة التي أجرتها التلفزة سنة 2014. وتطبيقا للقانون المتمثل في تطبيق أحكام القضاء . و فضلا من الله الذي جعل كل ذلك في مأمورية رجل فهمه الله الحكم بالعدل و الإنصاف. واختار لتطبيق نهجه رجالا يحبون العدل ويسعون إلى تطبيق العدالة .
ومن هؤلاء الرجال المدير العام للتلفزة الموريتانية السيد محمد محمود ولد أبو المعالي.
أحمد محمود العتيق