من روائع الحكايات والأساطير الموريتانية (9) / د. محمدو احظانا
من حكايات الأسود:
لاتتدخلي بين الرجال
“قال لكم من قال لكم والبال لنا والبال لكم، والبال لأولاد المسلمين”:
إن رجلا وزوجته كانا في غنم لهما يرعيانها في تيارت بأرض الحوض، وقد منحهما الله بسطة في الجسم والقوة. وبينما هما يستظلان بشجرة قرب الغنم الراتعة إذ أقبل أسد له لبد تتبعه لبؤة نزقة. فلما اقتربا من الغنم جفلت، فانطلقت اللبؤة في أثرها واصطادت منها نعجة، فلما رأت الرجل يركض نحوها تركت الشاة.
لكن الأسد زأر واتجه إلى الرجل، فاشتبكا اشتباكا عنيفا كأنهما أسدان. وثار عجاج معركتهما، فاقتربت المرأة، لترى عن كثب وهي واثقة من قوة زوجها، وصارت تشجعه:
– عليك بخناقه. إنه كلب رخيص. لاتتركه يصرعك أو ينال منك. أنت الأسد وهو الكليب الضعيف. اقض عليه وأرحنا.
كان الرجل قد شد خناق الأسد بأحد ذراعيه من الخلف بعد أن علا ظهره، وتمكن من عضلة لسانه لما مدها من رهق الخنق، وصار يجذبها بقوة ويشدها على أنيابه وأضراسه ليستأصلها بيده الأخرى. ولما رأت اللبؤة أسدها يعاني ويدور على نفسه٠كي يتخلص من الرجل العملاق، أقبلت لتساعده.
فأمسكت المرأة بذراعها وثبتتها حيث هي وقالت لها:
– لاتتدخلي بين اارجال حتى نعرف أيهما أقوى فمصارعة الرجال لا تعني النساء.
لم تفهم اللبؤة، فهاجمت المرأة بضراوة.
لم تفعل السيدة إلا مافيه الصالح، فقد جمعت ذراعي اللبؤة في يديها وطوحت بها في الهواء وصرعتها أرضا، وأخذت تخنقها وهي جالسة على صدرها حتى نفقت قبل أن يتهاوى الأسد ميتا بين يدي الرجل الذي لم يصب إلا بجروح متوسطة في ذراعيه.
قالت له سيدته:
– لقد أطلت معه العراك ولديك سكينك، ويمكنك أن تنحره بها سريعا.
– اعذروني لقد نسيتها.
****
أخذ رب الأسرة شاة من غنمه بعد أن أدركها، وأتى يحملها، وذبحها، وأخذ شحمها وأذاب منه على جروحه وشوى البقية، وأكله هو وزوجته التي نجت من مخالب اللبؤة لسرعة معاجلتها لها..
قطع الرجل أذني الأسد واللبؤة وأذرعهما ولسانيهما، ودسها في جلد النعجة، وهو يقول لزوجته:
– لو حدثنا رجال حينا ونساءه بقتلنا لخيمة الأسود الضارية هذه لما صدقنا أحد، ولذا أخذت معي الدليل.
****
“وربطت أنا نعلي إلى قدمي، ورجعت عنهما سالما أحدث بحكايتهما دائرا عن دائر.”
م. أحظانا