أهم عوامل نجاح انقلاب إيسوفو على بازوم/ محمد المنى
كياسة إيسوفو وعادة العسكرتيريا الأفريقية
————————————-
الحالة النيجرية تربة خصبةٌ تتوفر على بذور الانقلابات العسكرية باستمرار، لكن الخلافَ الناشبَ في الآونة الأخيرة بين الرئيسين المدنيين، محمد بازوم وسلفه محمدو إيسوفو، كان بمثابة السماد الذي سرّع إنضاجَ ظروف قيام الانقلاب وهيأ شروطَه. وبعد أن بدت استجابة إيسوفو لمقتضيات الدستور الذي يمنعه من الترشح لمأمورية رئاسية ثالثة، حدثاً مفرحاً ومنعشاً لآمال التطور الديمقراطي في أفريقيا، سرعان ما اتضح أنه يريد الإبقاء لنفسه على دور ملحوظ في الحياة السياسية، إذ واصل الاحتفاظ بنفوذه في الحزب الحاكم وداخل الجهاز الحكومي وفي المؤسستين الأمنية والعسكرية.. مما جعل البعضَ يتحدث عن سيناريو بوتين -ميدفديف في النيجر.
وإن حاول بازوم من موقعه القوي داخل السلطة الحيلولة دون إنفاذ ذلك السيناريو والتصدي لرئيسه ومعلمه السابق، فربما فعل ذلك متأخراً، كما أن معطيات الواقع لم تساعده على إطلاق مسار قضائي لمحاكمة «العشرية» السابقة، ليس فقط لأنه كان جزءاً منها ولكن أيضاً لأن إيسوفو لم يشتهر بالإثراء غير المشروع ولم تتوفر المعلومات الدالة على أنه كان يكدس الأموال الطائلة لتأمين عودته إلى كرسي الحكم. أو بمعنى آخر فإن بازوم لم يَحسِب لنفوذ رئيسه السابق حسابَه الكافي، لاسيما داخل الحرس الرئاسي، لذا فقد غلبت كياسةُ إيسوفو ونفوذُه المستتر على حزم بازوم وصرامته ووجوده في واجهة السلطة. بيد أن العامل الأهم كان قابلية المؤسسة العسكرية نفسها للانجرار نحو الانقلاب من أجل تملك السلطة مجدداً، وهي عادةٌ قديمة لم تتمكن النيجر من الانفطام عنها إلى الآن، كشأن باقي شقيقاتها من جمهوريات العسكرتيريا الأفريقية الأخرى!