العلامة الشنقيطي الشيخ سيدي ” محمد ولد الشيخ سيديا ” الملقب الفخامة : رجل العلم
و الصلاح والإنفاق السخي في سبيل الله ذاع صيته في موريتانيا و أصبح وجهة للمحتاج و طالب العلم و حتى المريض الذي استعصى علاجه ، إنه الشيخ / سيدي محمد بن عبد الرحمن بن الشيخ سيديا ، الملقب ” الفخامة ” ، ورث عن أسلافه الصالحين الأقطاب مثل الشيخ سيديا الكبير العلم الغزير و الورع و الصلاح و عندما تبحر في علوم القرآن و الحديث و الفقه و اللغة ، نذر نفسه لنشر هذه المعارف الفاضلة بين الناس ، فهيأ لذلك الأسس و الأرضية الملائمة سواء من حيث المنهجية أو أسلوب التدريس الذي اشتهر به الشناقطة قديما أو من حيث إختيار المكان و توفير الإحتياجات المادية الأساسية التي تعين الدارس على تحصيل العلم .
أسس الشيخ الفخامة محضرته الخاصة في قرية ” البلد الأمين ” الواقعة الى الشرق من العاصمة نواكشوط على بعد – ( 200 ) – كلم ، تدفق عليها طلاب العلم من مختلف أصقاع الدنيا ، حتى بلغ عددهم في الوقت الحالي أكثر من – ( 1500 ) – طالب يتلقون مختلف العلوم الدينية .
و بفعل ذلك تحولت هذه القرية الصغيرة إلى مركز إشعاع علمي
و معرفي يستقطب المتعطشين لكلام الله و لحديث نبيه الأكرم و ما تفرع عنهما من علوم ، فكل من أتاها وافدا نهل من ذلك المعين الممتد الذي نهل منه الشيخ الفخامة و نهل منه غيره من فطاحلة علماء شنقيط المعروفين في كل مناطق العالم الإسلامي .
و لم تكن جودة التعليم وقوة المنهج هي وحدها التي استقطبت الطلاب لمحضرة الشيخ ” الفخامة ” بل وجدوا فيها أيضا المأوى و المأكل
و المشرب بشكل مجاني ،
و كانت يد الشيخ سخية معهم حتى أنه وفّر لهم الكسوة
و الكثير من المستلزمات الشخصية التي جعلتهم في غنى عن المعيل .
و امتدت أيادي الشيخ البيضاء لتشمل بناء مساكن لسكان القرية البالغ عددهم نحو – ( 300 ) – أسرة ؛ حيث أصبح يتولى مؤونتهم و يوفر لهم مقومات الحياة الضرورية من ماء و دواء و أمن ، يشاركهم أفراحهم و يواسيهم في أحزانهم و يعالج مرضاهم ، فتحولت حاضرة ” البلد الأمين ” إلى نموذج فريد في التكافل و التعاضد و الألفة يندر مثله ، و كأنّ الشيخ أبى إلا أن يطبق فيها حرفيا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : – ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) .
لقد أصبح الشيخ الفخامة في المجتمع الموريتاني رمزا للإنفاق في سبيل الله و الزهد في الدنيا ، فلا يستقر في كفه مال و لا يطول به المقام عنده ؛ بل يأخذ طريقه فورا إلى المحتاج و الضعيف و من لا سند له ، ينفق عليهم بلا تردد ليدخل إلى قلوبهم السعادة و الفرح ، و من آخر نفحاته على المساكين ما قام به في عيد الأضحى الماضي حيث وزع ما يناهز – ( 1000 ) – أضحية وكسا الفي – ( 2000 ) – فقير تقسيم الأضاحي عادة دأب الشيخ عليها خلال السنوات الماضية .
و قبلها بفترة وجيزة سيّر قوافل خيرية حملت – ( 20 ) -“طنا من المواد الغذائية وزعت كلها على المحتاجين و أصحاب الدخل المحدود في مقاطعة – ( أبي تلميت ) – التي تتبع لها قريته قرية ” البلد الأمين ” و كان ذلك تزامنا من إنتشار جائحة كورنا .
و بالإضافة لأعمال البر و الإحسان و تعليم الناس أمور دينهم ، يطلع الشيخ الفخامة بدور آخر لا يقل أهمية و هو التوسط بين الأسر و المجموعات القبلية التي قد تنشب بينها خلافات و نزاعات من حين لآخر ، و قد تمكن في السنوات الأخيرة من تحقيق عدة مصالحات و إعادة المياه لمجاريها بين عدة عائلات استفحل بينها الخلاف لمدة طويلة .
و يعتبر الشيخ الفخامة الأنسب لهذه المهمة لكونه يحظى بمكانة عظيمة و دينية كبيرة في أوساط المجتمع الموريتاني لا يحظى بها غيره ، كما أن منهجه يقوم على الوسطية و الإعتدال و نشر التسامح و الأخلاق الفاضلة بين الناس ، فهو يرى أن العنصرية و الكراهية العرقية و الغلو
و التشدد هي أوبئة أبتلي بها الناس في هذا العصر و لا بد من التصدي لها حفاظا على العقيدة الصافية و على وحدة الأمة .
و في الوقت الراهن لن تمر على بيت الشيخ الفخامة فى البلد الأمين أو في العاصمة – ( نواكشوط ) – إلا وجدته عامرا بالزوار ، هذا يريد عونا لنفسه أو لأسرته و هذا يريد حلا لمشكلة ما لديه ، و آخر حار الأطباء في أمره فلجأ إليه طلبا للعلاج ،
و قلما خرج أحد منهم دون أن تقضى حاجته ، و هو يقول دائما ” الناس تطلب مني العون ، و أنا أطلب لهم العون من الله ، و من وضع ثقته في الله لن يخيب الله ظنه أبدا.
صحيفة البوابة السعودية