معالجة قضايا انعدام الجنسية / محمد المختار الفقيه
يعتبر الحق في الجنسية حقا من أقدس الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان، ولا يجوز تحت أي ظرف ولا لأي سبب من الأسباب حرمان شخص من أن تكون له جنسية و أن يتمتع بالضمانات القانونية التي توفرها.
وإذا كان هذا المبدأ الذي تكرسه التشريعات الوطنية والدولية و مواثيق الدولية فإن الواقع يفيدنا بان عدد الأفراد عديمي الجنسية في العالم في تزايد مستمر نتيجة لعديد من العوامل منها الحروب و الأزمات الدولية و الإقليمية و السياسات التمييزية التي قد تنتهجها بعض الدول في حرمان مجموعات من السكان من الحق في الجنسية بمبررات و أسباب مختلفة.
أهم الصكوك و المواثيق الدولية المتعلقة بمعالجة قضايا انعدام الجنسية:
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العاشر من شهر ديسمبر 1948
ثانيا: اتفاقية الأمم المتحدة المعتمدة في 28 من سبتمبر 1954 من قبل مؤتمر مفوضين دعا إلى عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي:
و قد عرَّفت الاتفاقية المعتمدة في 28 من سبتمبر 1954 من قبل مؤتمر مفوضين دعا إلى عقده المجلس الاقتصادي و الاجتماعي بقرار رقم 526 ألف(د-17) المؤرخ في 26 ابريل 1954 بشأن وضع عديمي الجنسية، عرَّفت انعدام الجنسية التعريف التالي:
لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح “عديمي الجنسية” الشخص الذي لا تعتبره أية دولة مواطنا فيها بمقتضى تشريعها.
لا تنطبق هذه الاتفاقية على الأشخاص:
ا- الذين يتمتعون حاليا بحماية أو مساعدة توفرها هيئة من هيئات الأمم المتحدة أو وكالة من وكالاتها غير مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما استمروا يتمتعون بالحماية أو المساعدة المذكورة،
ب- على الأشخاص الذين تعتبر السلطات المختصة في البلد الذي اتخذوه مكانا لإقامتهم أن لهم من الحقوق و عليهم من الواجبات ما يلازم حمل جنسية ذلك البلد
ج – على الأشخاص الذين توفر فيهم دواع جدية للاعتقاد أنهم:
ارتكبوا جرية ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية بالمعنى الذي تقصده الصكوك الدولية الموضوعة للنص على أحكام بشأن هذه الجرائم
ارتكبوا جريمة جسيمة غير سياسية خارج بلد إقامتهم قبل قبولهم فيه،
ارتكبوا أفعالا مضادة لمقاصد و مبادئ الأمم المتحدة.
ثالثا: اتفاقية الأمم المتحدة المعتمدة في 30 من أغسطس 1961 من قبل مؤتمر مفوضين دعا إلى عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن خفض حالات انعدام الجنسية، والتي تصدت للشروط التي يمكن أن تفرضها الدول وفقا لتشريعاتها الوطنية للمساهمة في خفض حالات انعدام الجنسية
رابعا: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965 والتي نصت على ما يلي: ” تكفل الدول الأطراف لكل إنسان داخل ولايتها حق الرجوع إلى المحاكم الوطنية و غيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه على نحو فعال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصري يكون انتهاكا لما له من حقوق الإنسان و الحريات الأساسية، و يتنافى مع هذه الاتفاقية، و كذلك حق الرجوع إلى المحاكم المذكورة التماسا لتعويض عادل مناسب أو ترضية عادلة مناسبة عن أي ضرر لحقه كنتيجة لهذا التمييز”.
خامسا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 و قد نص هذا العهد على تعهد كل دولة طرف في هذا فيه بأن تكفل لكل شخص انتهكت حقوقه حق التظلم حتى ولو صدر التصرف عن أشخاص يحملون صفة رسمية، و ان تكفل ان تبت له محكمة أو سلطة إدارية ينص عليها نظامها القضائي أو الإداري في تظلمه، و ان تضمن الدولة الطرف إنفاذ الحكم أو القرار الصادر لصالحه.
سادسا: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979 والتي تنص في مادتها التاسعة على أن تمنح الدول الأطراف حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، و أن لا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغيير الزوج لجنسيته أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنسية أو ان تفرض عليها جنسية الزوج؟
سابعا: اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989
ثامنا:الميثاق الإفريقي لحقوق و رفاهية الطفل لسنة 1990
تاسعا: الميثاق العربي لحقوق الإنسان 2004
عاشرا: اتفاقية الاِشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2006
و سنتصدى في هذه المقاربة المختصرة لأهم المقتضيات الواردة في هذه الصكوك الدولية والدولية و الإقليمية:
أولا: المقتضيات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
تنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948 على ما يلي:
لكل فرد حق التمتع بجنسية ما
لا يجوز، تعسفا، حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته.
و ينص الميثاق العربي لحقوق الإنسان في مادته 29 على ما يلي:
لكل شخص الحق في التمتع بجنسية ولا يجوز إسقاطها عن أي شخص بشكل تعسفي أو غير قانوني
للدول الأطراف أن تتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة وبما يتفق مع تشريعاتها الخاصة بالجنسية في تمكين الأطفال من اكتساب جنسية الأم مع مراعاة مصلحة الطفل في كل الأحوال.
لا ينكر حق الشخص في اكتساب جنسية أخرى مع مراعاة الإجراءات القانونية الداخلية لبلده.
بينما تنص اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989 في مادتها السابعة على ما يلي:
يسجل الطفل بعد ولادته فورا، و يكون له الحق منذ ولادته في اسم و الحق في اكتساب جنسية، و يكون له، قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه و تلقي رعايتهما.
تكفل الدول الأعضاء إعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان، و لا سيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك.
وقد عرفت الاتفاقية العربية الخاصة بالجنسية في المنطقة العربية في مادتها الأولى مصطلح عديم الجنسية كما يلي:
لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح “عديمي الجنسية” الشخص الذي لا تعتبره أية دولة مواطنا فيها بمقتضى تشريعها
لا تنطبق هذه الاتفاقية:
الأشخاص الذين تعتبر السلطات المختصة في البلد الذي اتخذوه مكانا لإقامتهم أن لهم من الحقوق و عليهم من الواجبات ما يلازم حمل جنسية ذلك البلد
على الأشخاص الذين تتوفر فيهم دواع جدية للاعتقاد بأنهم:
ا- ارتكبوا جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية بالمعنى الذي تقصده الصكوك الدولية الموضوعة للنص على أحكام بشأن هذه الجرائم
ب- ارتكبوا جريمة جسيمة غير سياسية خارج بلد إقامتهم قبل قبولهم فيه،
ليس في أحكام هذه الاتفاقية ما من شانه المساس:
بحق اللاجئين الفلسطينيين الذين يتمتعون بحماية أو مساعدات منة هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك (الأونوروا)
بحق اللاجئين الفلسطينيين الثابت في العودة و التعويض وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 و قرارات الشرعية الدولية الأخرى ذات الصلة. كما لا يؤثر تطبيق أحكام هذه الاتفاقية على أية مزايا إضافية أو معاملة خاصة مؤقتة يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون في أية من الدول العربية أو غير العربية وفقا لتشريعاتها الوطنية النافذة مع مراعاة ما ورد في برتوكول الدار البيضاء الصادر سنة 1965 الخاص بمعاملة الفلسطينيين في الدول العربية.
بالمجمل تلك هي التعريفات التي أعطتها المواثيق الدولية لمصطلح ” عديمي الجنسية”، و الجنسية كما نعلم هي الرابطة القانونية بين الفرد و الدولة فعن طريق الجنسية يحق له التمتع بكامل حقوق المواطنة من حقوق شخصية و حماية اجتماعية و مشاركة سياسية، و علاج و عمل و تمدرس و تنقل و ان يكون منتخبا و ناخبان كما تترب عليه في المقابل واجبات الولاء تحددها التشريعات الوطنية.