حان الوقت لتأسيس هيئة وطنية لمحاربة الفساد / د.ديدي ولد السالك
حان الوقت لتأسيس هيئة وطنية لمحاربة الفساد واسترجاع أموال الشعب المنهوبة في موريتانيا ؟
رغم الأمل الذي ساد في موريتانيا عند انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ بإصلاح أوضاع البلد والقضاء على الفساد وابعاد المفسدين وبإعادة الإعتبار للادارة من خلال احترام القانون والمؤسسات والاهتمام بأصحاب الكفاءة والنزاهة؛ وتحسين أوضاع الموارد البشرية بشكل عام.
لما جاء في برنامج الرئيس “تعهداتي ” الذي فهم على نطاق واسع؛ بأنه تعهد للشعب الموريتاني بتحسين أوضاعه وبالقطيعة مع ممارسات أنظمة الفساد والإفساد المتعاقبة عليه؛ التي جعلته يعيش تحت وطأة الفقر والجهل والمرض.
وقد انتعش ذلك الأمل مع إقامة لجنة برلمانية للتحقيق في بعض ملفات الفساد خلال “عشرية النهب والتدمير”
وأحاديث الرئيس المتكررة عن ضرورة الشفافية في تسيير الشأن العام وعدم التساهل مع الفساد.
فإن ذلك الأمل بدأ في التراجع ليتحول مع الوقت إلى خيبة أمل كبيرة في أوساط الشعب الموريتاني؛ لاستمرار جملة من المؤشرات الدالة على أن ممارسات الفساد ما زالت مستمرة وفي توسع،؛ ومن تلك المؤشرات:
1 – إستمرار عدم الشفافية في الصفقات العمومية؛ وما يشاع من ممارسات الفساد في كثير من القطاعات الحكومية.
2- بقاء رموز “عشرية النهب والتدمير” في مواقعهم؛ بل أن بعضهم زاد حضوره في واجهة العمل الحكومي.
3- بقاء الإدارة على حالها دون إعادة هيكلة رغم ترهلها وفسادها.
4- استمرار التعين في الإدارة العمومية على نفس معايير الزبونية والمحسوبية.
5-عدم الاهتمام بالكفاءة والنزاهة في الإدارة العامة؛ وغياب أي معايير تحكم التعيينات في القطاع العام.
6- غياب أي آليات واضحة لمتابعة وتقييم السياسات العمومية.
7- إهمال تقارير محكمة الحسابات؛ وعدم ترتيب عليها أي إجراءات عقابية؛ رغم حجم الفساد الذي تحدثت عنه.
8- عدم إصدار قانون يفصل بين الوظائف السياسية عن الوظائف الإدارية والفنية.
فتجربة الحياة تقول: ” أن الأقوال التي لا تترتب عليها أفعال؛ تتحول مع الوقت إلى خطابات شعبوية؛ تنتج آثارا عكس مدلولها”.
ولنا في خطابات العشرية المنصرمة “عشرية النهب والتدمير” ؛ التي كانت فيها وسائل الإعلام تصك مسامعنا ليل نهار؛ بالحديث عن محاربة الفساد وعن “رئيس الفقراء” و”رئيس العمل الإسلامى”؛ خير شاهد على ذلك.
وهو ما يعني أن مكافحة الفساد في موريتانيا؛ تتطلب تأسيس مؤسسة عمومية تعني بمكافحة الفساد؛ مع ضرورة تسليحها بالموارد البشرية والمالية اللازمة للقيام بعملها؛ على أن تقوم تلك المؤسسة بوضع الآليات والسياسات الكفيلة بمكافحة الفساد وتطهير الإدارة العمومية من المفسدين؛ وأن تقوم تلك المؤسسة باسترجاع أموال الشعب الموريتاني المنهوبة؛ لكي لا تتكرة تجربة العشرية الماضية .
وأن تعمل تلك المؤسسة؛ عل خلق الوعي بأن الفساد أخطر من وباء كورونا؛
وأن الفساد هو رأس الشرور.
وأن الفساد هو الذي دمر التعليم.
وأن الفساد هو الذي قضاء على قطاع الصحة.
وأن الفساد هو الذي دمر العدالة.
وأن الفساد هو سبب إنتشار المخدرات.
وأن الفساد هو سبب الجريمة المنظمة في نواكشوط.
خلاصة القول:
قضية محاربة الفساد في موريتانيا؛ لم تعد قضية سلطة فقط؛ وإنما ينبغي أن تكون محاربة الفساد؛ هي قضية الجميع؛ على أن مسؤولية النخبة المثقفة والنخبة السياسية والنخبة المدنية؛ تبقى أكثر من غيرها.
وعلى من يقوم على الشأن العام في موريتانيا في الوقت الحالي؛ أن يستذكر دائما؛ قول: المولى عز وجل: ” إن الله لا يصلح عمل المفسدين “.
وأن تجربة الحياة تقول: ” إن فاقد الشيء لا يعطيه”.