آراء وتحليلاتالأخبار

هل اللجنة البرلمانية من أجل الإيقاع بعزيز أم هي ضمن استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد ؟/محمد محمود ولد بكار

 

 

حقيقة السؤال الذي يجب أن نبدأ به ليس هو السؤال الوارد في العنوان بل هو:هل تعد محاربة الفساد هي الوصفة السحرية لأي نظام جديد؟خاصة إذا قدرنا أنها تتم بالانقضاض على الشعار دون أي رؤية لهذا المفهوم ودون أي محددات ! أي أنه لا يكون للقانون ولا للبنية المؤسسية دخل كبير في رسم رؤيته ،وأن القواعد الوحيدة الواضحة والظاهرة
من هذا البنيان الهش والتي تتشبّع منها ذهنية النظام هي قواعد المساءلة والعقاب ،وليست قواعد النزاهة والشفافية والنجاعة والفاعلية التي ظلت غائبة دائما ؟ وهو الأمر عينه الذي يمنعنا من أن نتصور أنها معركة وطنية ،على الأقل لحد الآن! وهو أيضا ما يوجهنا بالضرورة للتساؤل الوجيه : ماهي حدود وغايات النظام من هذه العملية الضيقة ؟
أم أن الجواب الحقيقي هو عبر الصورة الواضحة للعيان التي تفيد أن محاربة الفساد لاتزال في حدود الحسابات الفردية !
لا شك أن ذلك خطأ جسيم دون أي حساب لحقيقة النيات ،لكن أيضا لابد من أخذ الأجراءات السارية في الحسبان فكيف يمكن تجاوز جرائم أو تجاوزات اقتصادية جاهزة وموثقة (تقرير محكمة الحسابات )إلى محاولة إعداد وتجميع ملفات أخرى (عمل اللجنة البرلمانية )وكأننا نريد الانتقاء في هذه الجرائم وأن القانون ومؤسسات الرقابة والتفتيش ليست هي من يحدد ذلك بل رغبة النظام هي من يحدده ، ويترتب هنا أن نختار بين ولد عبد العزيز وأي من المشمولين في تقرير محكمة الحسابات )، وستحول هذه المحصلة دون الافتراض الموضوعي بأنه يمكننا أن نجزم بأن الاعتبارات القانونية والمهنية والمؤسسية هي محددات هذا العمل .
إنني أتوقع أنه مأزق كبير يسير فيه ولد الغزواني بسرعة فائقة ويتم فيه خلط للأوراق بين الشخصي والسياسي والقانوني ،رغم كل مظاهر الابتعاد التي يفرضها على نفسه عن الانخراط الشخصي في هذه الملفات وكأنه عمل مستقل !!ومع ذلك فإنه تبنى هذا الشعار بقوة ،من دون إضفاء أي طابع أو خطوات واضحة تبعده عن طريق سلفه الذي تبنى الشعار للتغطية على عيوبه الشخصية ونوازعه للسيطرة وسحب التسيير والتخطيط من الدولة ووضعه بين يديه ومجموعة من الخلصاء الذين تتحدد أهميتهم في مدى التفكير والتخطيط للاستيلاء على ظروف وشروط الإثراء الشخصي ! وإن كان بمهارة فائقة حيث ورَّط شبكة كبيرة من الأطر في تلك العمليات ،حتى أصبح لزاما عليها أن تكون هدفا حقيقيا لهذه العملية (عمل اللجنة البرلمانية ) رغم أن واقع الحال يقول عكس ذلك بسبب الحظوة التي يحصلون عليها اليوم من النظام !وهكذا وجريا على ذلك الأساس يتوجب علينا أن نسائل تلك الأطر اليوم عن موقفها مما بجري وماهو مدى تعاونها مع اللجنة وهل تدرك المكان أو النقطة التي سيتوقف عندها هذا التحقيق ،خاصة أن توقيعاتها تشع على الوثائق في تلك الصفقات والقرارات المشبوهة !
في حقيقة الأمر أن الوضع اليوم يختلف عنه بالأمس حيث أن المزاج السياسي والضغوط الشعبية بشأن محاربة الفساد صارت قوية في توجيه دفة الحكم،بينما كان عزيز هو المبادر بالشعار كمَسْكَن سياسي له و للكثير من علل وأسقام الحكم ، وقد شحنه بالآمال والطموحات حتى تعلقت حوله كل الأنظار ومشاعر القبول وشرعية الناخب بوصفه الطريق الذي سيجد فيه الفقير حلا لكل آلامه وهمومه الحياتية اليومية، والحقيقة المرة في الأمر ليس لأن الاستقامة لم تكن أمراً شخصيا متصلا بقناعته وأخلاقه وسلوكه،فقليل من كان يعرف تلك الحقيقة آن ذاك ، بل لأنه رفعها في الوسط الوظيفي كحالة عامة وقيمة مؤسسية لاغنى عنها بالنسبة لمن يريد أن يبقى في وظيفته، لقد بدأ المشروع بالتضييق على المسيرين وفتح الطريق لانفراده بتحقيق منافع عائلية على حساب الشعب ،وهنا تبرز الجريمة القانونية والبعد اللا أخلاقي للعملية وتبرز مسؤولية المتعاونين معه بوصفها مبنية على الحسابات والتفكير والتخطيط مما جعلها في مستوى النهب وجر الدولة إلى حافة الإفلاس .ولا يخفى على أحد أن هذه المزايا تم التحصل عليها بواسطة كسر القواعد الإدارية وسوء استخدام السلطة للحصول على منافع شخصية وتجاوز السلطات واستغلال المعلومات الممتازة للحصول على الأفضلية وهذا هو حقيقة ولُبّ وكنه الفساد .وهو ما يعيدنا إلى عنوان المقال الذي هو هل اللجنة البرلمانية من أجل الإيقاع بعزيز أم هي ضمن استيراتيجية وطنية لمحاربة الفساد ؟لامفر من الحصول على جواب شاف من التطرق للفساد بصفة شاملة حتى يكون الكل على نفس الموقف مما يجري ، وعلى ذلك الأساس يتم اتهام ولد عبد العزيز ضمن مجموعة كبيرة من الناس كان لها دور فعلي في تلك الجريمة أو التجاوزات ،وهكذا تتم محاسبة الجميع لكن أيضا تنظيف الواجهة من هذا الكم الغفير من المفسدين ،إن الواجهة الحالية للحكومة تجعل ولد الغزواني يحمل الشعار وكأنه يصوب رأسه للأسفل وهذا أمر كاريكاتيري ،ودرب غير مقنع تماما ،وتناقض صارخ بين الأقوال والأفعال إنها طريق وخيمة لا نهاية لها،إذا لم يتم حمل الشعار بقبضة ، وجدية صارمتين ورفع رأسه للأعلى .

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى