تنازع البقاء وأهمية الكنز / باباه ولد التراد
يرى بعض المفكرين ” انه كلما تفاقمت مواجهة اعداء الشعوب للشعوب كلما أبدعت الشعوب ” .
وهنا سيتذكر الكتاب والمثقفون جزء مهما من سيرة الأمة العربية مع أعدائها ، وتاريخ بعض الأمم الحية التي استعادت ألقها بعد المحن ،حيث نجد أن أمتنا العربية تنهض باستمرار بعد كل كبوة خطيرة ، فقد انتصرت هذه الأمة انتصارات باهرة بعد احتلالها من طرف كل من الفرس والروم ، والأحباش والصليبيين والمغول والأتراك ، والفرنسيين والإنجليز ،والإيطاليين .
وفي المقابل فقد خضعت عشرات الأمم للإحتلال هي الأخرى ، لكنها نهضت بعد ذلك ، مثل الولايات المتحدة ، وفرنسا وألمانيا واليابان والصين والهند .. ومع ذلك فنحنُ ندرك أَنَّ حَضارةَ الغربِ الحديثةِ التي يود الجميع اللحاق بركبها قامَتْ على أَشلاءِ مئاتِ الملايينِ من أبنائها، فضلا عن الإبادةِ الجَمَاعيَّة لسُكَّانِ أَمريكا الأَصليِّين، والشعوبِ المستعمَرةِ في أَفريقيا وآسيا.
، ومع أن المواجهة ظلت مستمرة بين الأمة العربية وأعدائها فقد تأكد أنها أمة كريمة ذات تاريخ مشرف قدمت خلاله للإنسانية مناقب جمة ومحامد كثيرة دون “رؤية الفضل على الغير” .
كما أن هذه الأمة ظلت تمتلك روح المقاومة وتحتل موقع القلب من الجغرافيا العالمية ولايمكن القضاء عليها ولا تدجينها مهما بلغت شراسة الأعداء ، لأن المعارك التي تخسرها تتحول عادة إلى تجارب وتمارين أثناء المنازلات الحاسمة ، التي يبدو أن شرارتها انطلقت الآن بالتصدي ( لصفقة القرن ) التي تهدف الى القضاء المطلق على فلسطين وتحقيق حلم إسرائيل التوسعي بوصفها كلب حراسة ورأس حربة .
لذلك تقول إحدى الفسطينيات :
“ولكني لاأعرف السقوط ولا الإنحناء ،لاأعرف التصفيق ولا الهتافات
أنا فلسطينية أنا من قلت للصمود اصمد وللصبر اصبر أنا فلسطينية
أسيرة لاتذل للسجان “.
وفضلا عن ذلك فإن أمتنا يقف وراءها تراث العروبة والإسلام ، خلافا لأمم أخرى يقتدي بها الكثير منا ، مع أنها لاتؤمن بالله الواحد الأحد ، و”نحن أمة أعزنا الله بالإسلام ولانبتغي العزة بغيره” .
كذلك فإن الأمة العربية تتميز عن غيرها بثلاث ميزات رئيسيه هي :
1 – تمتاز الأمةالعربية بأنها مهد الحضارات ومهبط الرسالات ، ومثوى المقدسات التي يحجّ إليها سنوياً جميع أتباع الرسالات السماوية ، كما أن الله سبحانه وتعالى قد خصها بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعاد صياغة الإنسان ووضع الأساس لبنائه في فترة من التاريخ كانت البشرية فيها بأمس الحاجة إلى رسالة من السماء تنقذ المجتمعات من الانهيار، وتصفي القلوب من شوائب الشرك، وتوجه العقول نحو عقيدة الوحدانية
2 – تميزت الأمة العربية بموقع جغرافي استراتيجي حساس يتمنى الجميع أن يكون له نصيب في ملكه ، جعلها صلة الوصل ما بين الشرق والغرب أي أنها ظلت تتحكم وتشرف على جميع الطرق بين دول العالم .
3 – تحتوي أرض العرب خيرات وكنوز كثيرة لذلك أصبحت هذه الأمة حلم الطامعين منذ القدم وحتى اليوم.
لهذا كان النفط سببا مباشرا في العدوان على العراق وليبيا .
وقد اعترف بعض القادة الآمريكيون بأن أحد دوافعهم الحقيقية وراء عدوانهم على العراق سنة 1991 هو من أجل استمرار السيطرة على منابع النفط والمحافظة على تدني أسعاره ،لأن النفط هو أهم سلعة في العالم ، ومعظـم البلـدان الصناعيــة تعتمـد بدرجــة كبــيرة على النفـط العربي لاستيفـاء حاجاتها من الطاقة . ويزيد استخدامه عامًا بعد عام .
ولتجنب نقص واسع النطاق في الطاقة، يختبر العلماء ضروبًا اصطناعية من الزيت، وكذلك مصادر أخرى للوقود. ولكن حتى لو ظهرت سريعًا مصادر أخرى للطاقة، سيضطر الناس للاعتماد على النفط لسنوات عديدة .
فقد عجزت بدائل البترول التي طرحت للبحث عن بلوغ الهدف الذي حاولت تحقيقه ، والتي كان من بينها :
1ـ محاولة استغلال طاقة الرياح وأمواج المحيطات التي تعد غير اقتصادية .
2ـ الكيمياء الصناعية كالكحول المستخرج من الذرة والشعير والذي أثبت أنه غير فعال.
3ـ استخراج الطاقة النووية الذي تأكد أنه غير مأمون بعد حادثة “تشرنوبيل” التي وصلت إلى حد الكارثة .
4ـ العودة إلى استخدام الفحم الذي لم يعد يتلاءم مع كل الإعتبارات الجديدة ، كما أنه خطوة إلى الوراء في تكنلوجيا الإنتاج .
غيرأن المستهلك الأمريكي لم يهتم بهذه البدائل، فالسيارات مثلا في الولايات المتحدة تستهلك 14 مليون برميل يومياً من الوقود.
وبينما تقول الإحصاءات أن بقية المنابع التقليدية للبترول تتراوح مدة عطائها الباقي إلى ما بين 25 أو 30 سنة ، فإن بترول العرب أمامه مابين 50 إلى 70 سنة .
كما أن الوطن العربي يتوفر على احتياطيات ضخمة تقدربحوالي 67% من احتياطي البترول العالمي .
غير أن هذه الميزات الإيجابية والفريدة جعلت المنطقة العربية دائماً محطّ أنظار كلّ القوى الطامعة في السيطرة والتسلّط..