جدل وسيل من الانتقادات حول تدوينة لولد مولاي اعل رآى فيها الكثيرون تطاولا على الشرع
كتب الأستاذ المفكر الحسن ولد مولاي اعل على صفحته في الفيس بوك:
يا سيدي يا رسول الله!
عجبا لمن يقرأ قول الله فيك:{وإنك لعلى خلق عظيم} ثم ينسب إليك هجر القول وفحشه:
(عبد- حبشي- رأسه زبيبه) !!!
فثارت أقلام الفسابكة علماء ومثقفين وعامة، ليعود الرجل من جديد، معلنا ثورته على ما تم التسليم به عن طريق التقليد الأعمى.
وقد أمطر كثيرون الأستاذ الحسن بوابل من التعليقات التي تنتقد المنشور، وكثرت الردود التي ما تزال في ازدياد، وهذا نص منشوره الأخير:
وإنك لعلى خلق عظيم؛
سجلت البارحة قبل النوم، خاطرة عابرة، أردت بها رسم علامة استفهام حول مروي ورد في صحيح البخاري، يتعلق بألفاظ منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي(في تقديري) من فحش القول وهجره، فنبهت إلى أن ذلك مما ينافي الخلق العظيم لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لكن بعض الإخوة من مرتادي الصفحة، وبينهم كتاب وفقهاء وأئمة وعامة، لم تعجبهم السانحة فتباروا في الرد عليها، مع تباين في الأساليب والمناهج وربما الغايات، ولا نحاكم النيات شيئا؛
ولقد رأيت أن أبسط منطلق الخاطرة، وصولا إلى شطآن الحقيقة بشأن ذلك المروي؛ وعلي أن أزجي التحية إليهم جميعا، بشكل عام، وخاصة أئمتهم وفقهاءهم، وعلى الخصوص من أولئك الإمام عبد الله أمينو إمام جامع تن اسويلم العتيق؛ فأقول وبالله التوفيق:
تحية للإمام عبد الله؛ أتفهم كثيرا هبتكم، مع من سبقكم من رواد الصفحة، كما أتفهم حساسيتكم المفرطة من الحديث عن “المتجاوز” تاريخيا وحضاريا؛ ويهمني طمأنتكم جميعا، فلا بأس على مسلمات تعتقدونها ولا ضير، إنما الأمر متعلق بقضايا خلافية بسيطة جدا؛ وتقوم في أساسها على اختلاف منهج النظر إليها، وسأحاول أن اجمل جانبها المثير فيما يلي:
– تلقي الأمة للصحيحين بالقبول فيه نظر، فالذي تلقاهما بالقبول هو بعض الأمة، وليس كل الأمة، وهذه قضية جوهرية في النظر إلى التراث، والأمة هي كل المستجيبين، بمختلف فرقهم وطوائفهم، إذا صلوا صلاتنا وتوجهوا إلى قبلتنا؛ ولا يسوغ، تحت أي مبرر اختزال الأمة في طائفة من طوائفها!
– الاصطفاف الطائفي الذي تعيشه الأمة اليوم بشكل غير مسبوق، هو شر لاخير فيه، ومن واجب وحق أبناء الأمة عدم التساهل فيه، وإعادة البحث عما يوحد الأمة مما كان عليه محمد وأصحابه، من الثوابت، قبل الفتنة الكبرى وبوائقها، وعما مكن الله منه عباده من المتغيرات حاضرا ومستقبلا؛
– علوم الحديث برمتها هي آراء بشرية، تتفق أحيانا، وتختلف أحيانا، هدفها نبيل بلا شك، لكنها عرضة للخطأ والصواب، وهي لم تستكملالحق استكمال العصمة، فلا مانع من مراجعة آليات الآباء، والاستعانة في ذلك بما فتح الله على خلقه من خلاصات العلوم الإنسانية المختلفة؛
– الله سبحانه وتعالى حسم أمر التراتبية الوهمية بين البشر، في المحكم من القرآن، وبالتفصيل، كما حسمه النبي(ص) في مستفيض القول المنسوب إليه، فعندما يأتي من يخبرك بأن النبي عليه الصلاة والسلام عاب احدا بلونه أو بشكل رأسه أو بأنفه أو بشيء من الخلقة، فاعلم أنك أمام فرية على الله ورسوله؛
– الخلق لفظ له دلالة لا غبش فيها، فإذا وصف بالعظيم من الله من فوق سبع سماوات، فإن الأمر ترجف له الأؤض عظما؛ فإن عضد ذلك مستفيض القول المنسوب إلى صاحب الرسالة(ص) بأنه ليس عيابا ولا شتاما ولا صخابا في الأسواق، ونهيه المتكرر عن أن يقول الرجل عبدي وأمتي، وتأكيده أن مهمته الرسالية هي أن يتم مكارم الأخلاق؛ فإن نسبة فحش القول إليه(نعم فحش القول وهجره) كتلك الألفاظ المؤذية الواردة في هذا الأثر، يكون فيه عذر للعقلاء للتوقف عند الأمر؛
– العصور التي تلت الفتنة الكبرى، وتحول الخلافة الراشدة من شورى بين الناس كما أمر الله، إلى ملك عضوض، وتغلب العشائر والأسر على مقاليد السلطة بالقوة والغدر والبطش والقتل الجماعي والتعذيب والتهجير، وتحكم اللاعنين لآل النبي في شأن الأمة، تلك العصور كانت التاريخ الذهبي لدس المرويات على النبي (ص) والكذب عليه، وقد اضطر فيها العلماء من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى فقه الضرورات… إبقاء على الحياة، فكانت مظنة للوضع والكذب على الله ورسوله.
– وأخيرا فإن الناس بعد أن تبين الرشد من الغي، واتضح الفارق بين الطاغوت وبين العدل، محاسبون على قناعاتهم(وذلك هو معنى الدين) وفيما بين الأجيال والأباء والأبناء، لا تزر وازرة وزر اخرى{وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى} ومن سعيه كسبه العقلي والفكري وخياراته.
– التقليد الأعمى لموروث الآباء والأجداد، بلا مراجعة أو تمحيص، عيب في الدين، { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} تلك سنن المترفين، وليست سنن الصالحين.
حيا الله الجميع وقادهم وإيانا إلى الخير والصواب، والسلام عليهم