الأخبار

ظرافات.. وظرفاء (1) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو

قال ابن حمدون في تذكرته: النوادر رواحة، وبها للمكدود استراحة، لا سيما إذا أثقله عبء الجد، وعاد باحتماله كليل الحد. وهي صادرة عن مزح قد رخص فيه، ودعابة لم يخل منها كل شريف ونبيه؛ ولا بأس بها ما لم تكن سفهاً، ولا غرو.. والله عز وجل قد وعد في اللمم بالتجاوز والعفو؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً.
وقيل لسفيان: المزاح هجنة؟ فقال: بل سنة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إني لأمزح ولا أقول إلا الحق». وقال صلى الله عليه وسلم لرجل استحمله: «نحن حاملوك على ولد الناقة» قال: لا يحملني! قال: «أليس الإبل من ولد النوق»؟
ونظر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- إلى أعرابي يصلي صلاةً خفيفة، فلما قضاها قال: اللهم زوجني بالحور العين. فقال عمر: أسأت النقد وأعظمت الخطبة!.
واشترى رجل من رجل شياهاً فإذا هي تأكل الذباب، فخاصمه إلى شريح القاضي فقال: لبن طيب وعلف مجاني!.
مر رجلان ببشار بن برد في ظل منزله وحده، فأصر أحدهما على استثارته ما دام منفردا. فدنا منه وقال: يا بشار؛ فاستشاط بشار غضبا وقال: من هذا الذي لا يكنيني ويدعوني باسمي؟! قال: سأخبرك من أنا، فأخبرني أنت عن أمك: أولدتك أعمى أم عميت بعدما ولدتك؟ قال بشار: وما تريد من ذلك؟ قال: وددت لو فسح لك في بصرك ساعة لتنظر إلى وجهك في المرآة، فعسى أن تمسك عن هجاء الناس وتعرف قدرك؛ فغضب بشار “غضبة مضرية” كاد يرتد منها بصيرا.. وقال: ويحكم من هذا؟ أما أحد يخبرني من هذا؟! فقال الرجل: على رسلك.. أنا رجل من عكل، وخالي يبيع الفحم بالعبلاء؛ فما تقدر أن تقول لي؟! قال: لاشيء.. اذهب -بأبي أنت- في حفظ الله!


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى