سلبية التفكير الجمعي/ ذ. الولي طه
لدينا أزمة حقيقية في التفكير المشترك.
– نحن إيجابيون جدا على المستوى الفردي، لكننا في غاية السلبية على المستوى الجمعي.
* كل واحد منا على المستوى الفردي ينادي بالنزاهة، واحترام المال العام، والبعد عن المحسوبية والتملق، وتحقيق معنى دولة القانون، فيصرح بذلك في سيارة الأجرة، وفي نقاشاته العادية مع الزملاء، وربما اعتلى المنابر مُصرحا به…
ولكنه حين يجد فرصة للالتحام في أعماق المجتمع ستجد منه العجب العُجاب، بل تجده في اجتماعات القبيلة ذات النفَس السياسي، يدعو بوقاحة للمحسوبية، والتجني على المال العام، ويصطفُّ مع كل من تحوم حوله شُبَهُ الثراء غير المشروع، فيكون الأفراد على المستوى الفردي آلة دعائية قوية للإصلاح لكنهم حين يجتمعون تتجلى فيهم قاعدةٌ عجيبة هي (الكل = 0). (سلبية التفكير الجمعي)
* حين يكون المسؤول قريبا لنا فمهما كان فساده، فهو إنسان مثالي ونبيل ويستحق كل تعيين، وحين لا تكون لنا معه رابطة فمهما كانت نزاهته، فهو مفسد ومُرتشٍ، ويعمل في الظلام.. ويَخَيْ الَّا استغفر الله العظيم ما فم شِي (سلبية التفكير الجمعي)
* حين نفكر لذواتنا فنحن إيجابيون ومتفائلون ونزهاء، وحين نفكر للجمْع فنحن سلبيون ومتشائمون، وأشياء أخرى.
حينَ نُسَمّي دكاكينَنا وقُرانا الخاصة سترى التفاؤل والحس الجميل، وحين نُسمِّي مُدُنَنا، وأحياءنا المشتركةَ سترى التشاؤمَ، وانعدام الذوق، فكلما تعرضت مدينة من مدن العالم للتدمير والتقتيل والخراب وانعدام الأمن واشتعلت فيها النار من كل جانب، سترى اسمَها علما بارزا على أحد أحياء عاصمتك (كوسوفو – قندهار – الفلوجة) ومن حرب الخليج الأولى تمت تسمية (البصرة – الكوفة – بغداد) وهي مدن عريقة تستحق كل احتفاء، لكن عقليتنا الجمعية لم تهتم بالتسمية عليها إلا بعد أن تطاير الشرر في أرجائها.(سلبية التفكير الجمْعي)
* الشاب الفرد أحيانا يحب أن يعمل في أي شيء يحصل منه قوته، لكن نظرة المجتمع البدائية التي تُعلي من عملٍ وتحط من آخر من غير منطق سليم، تجعل هذا الشاب أسيرًا إذا لم يكن قويا وعصاميا يتحدى الصور النمطية، وقليل ماهم، فأصبح الكثير من الشباب في حالة من الكسل والاستقالة لا تُتًصور، وانتهى عهد (بُوصَوْمْ ألَّا من الڭَوْمْ ولّ ما اعليهْ لومْ) (سلبية التفكير الجمْعي)
* الفتاة تحب أن تتزوج بماهو متاح، ولكن نظرة المجتمع المادية تضغط عليها ليكون الاختيار وفق مواصفات مادية بحتة، ونفس الشيء بالنسبة للشاب، فأصبحت 99% من النساء تريد مواصفات لا تتوفر إلا في 1% من الرجال، فاختل التوازن وسادت العنوسة، وفشلت آلاف مؤلفة من مشروعات الزواج بسبب اعوجاج الرؤية أصلا.(سلبية التفكير الجمعي)
والأمثلة لاتحصى
المجتمع عندنا يجتمع على إنتاج الكوارث وتزكيتها، واعتماد المواقف والرؤى السلبية، ويجب أن نفهم قبل أن تقرِصَ الأيامُ حلَمات آذاننا لتُفهِمنا قسرا.
الولي طه.
