الشركة الموريتانية لمنتجات الألبان.. والاستدامة الصعبة الممكنة/ المختار ولد كاكيه
أولا- تباشير التيسير
ه———————-ه
صادق مجلس الوزراء إبان انعقاده في النعمة في 2 مارس 2023 على بيان وزارة التنمية الحيوانية المتضمن إعادة تأهيل الشركة الموريتانية لمنتجات الألبان ووضعها على طريق الاستدامة.
وهو قرار إداري واقتصادي وسياسي لا رجعة فيه.
واختير مدير عام للشركة ذو خلفية فنية ومعرفة سابقة بالمشروع قبيل الاجتماع المذكور.
ومنذ ذلك الوقت تحقق الكثير من تباشير التيسير، والحمد لله:
1- استأنفت اللجنة الوزارية الراعية لإعادة تفعيل الشركة متابعتها المباشرة لعملية التأهيل المقررة، وقسمت الأدوار بين الشركة نفسها التي يجب أن تعنى بتأهيل المصنع وإعادة تشغيله في أقرب أجل ممكن، وبين مؤسسات قطاع التنمية الحيوانية التي تعنى بطبيعتها ببناء قدرة الحوض اللبني على تموين الشركة.
2- تلقت الشركة دعما كبيرا من قطاع التنمية الحيوانية من خلال تمكينها من الحصول على ميزانية ابتدائية في يوليو 2023، ومن خلال تمويل دراسة فنية ومالية جارية لتشخيص احتياجات التأهيل للمصنع، ومن خلال تمويل تجهيزات خط إنتاجي جديد للبن الرائب والحليب المبستر ينتظر أن تصل في موسم الخريف القادم، بإذن الله.
3- عملت وزارتا المالية والتنمية الحيوانية على التسوية النهائية لملف المتأخرات المتعلقة بعمال الشركة المفصولين والحاليين للفترة ما قبل قرار إعادة تأهيل الشركة في مارس 2023.
وقد جرت عملية حساب المستحقات من طرف لجنة متعددة القطاعات بنجاح مشهود، ووثقت لدى المفتشيات الجهوية للعمل المعنية.
وقد تم الوفاء للعمال السابقين ذوي العقود الدائمة الذي وقعوا بانتظار الشركة بما تم الاتفاق عليه معهم وحددت لهم تواريخ إعادة اكتتابهم وأماكن عملهم في أفق إعادة تشغيل المصنع في خريف 2024.
4- عملت أيضا وزارتا المالية والتنمية الحيوانية على التسوية النهائية لملف المتأخرات المتعلقة بالموردين الخصوصيين للشركة؛ فسددت المتأخرات التي كانت مرصودة في مارس 2023، ثم شكلت لجنة برئاسة مفتشية وزارة التنمية الحيوانية للتحقيق والتدقيق في مجموعة مطالبات أخرى لها قرائن مستندية مختلفة، وأحالت اللجنة تقريرها النهائي المنتظر من الوزارتين.
5- تلقت الشركة الدعم من الحكومة من خلال المصادقة على مخصصات تسيير على ميزانية الدولة السنوية بدء بسنة 2024؛ ليحل هذا الدعم المشكل المزمن للتكاليف الثابتة، وهو مشكل أثقل كاهل الشركة في السابق وكان من أسباب توقف إنتاجها.
ولم يبق اليوم بعد برمجة هذه المخصصات الميزانوية إلا دعم وزارة المالية بفتح اعتماد معجل يمكن الشركة من الاستفادة من الدعم الميزانوي المخصص لها بسلاسة، لسداد التكاليف الثابتة دون تأخر جديد.
6- استكمال تحديد الاحتياجات المالية للاستثمار
تسلمت الشركة اليوم التقديرات المالية لعملية تأهيل المصنع من المكتب المكلف بدراسة التشخيص والتأهيل.
وهي خطوة بالغة الأهمية لدى الشركاء العموميين المتابعين عن كثب لكل متطلبات إعادة تشغيل المصنع واستدامة إنتاجه، وهم:
اللجنة الوزارية الراعية لإعادة تفعيل الشركة، وزارة المالية، وزارة التنمية الحيوانية، صندوق الإيداع والتنمية.
ثانيا- تزاحم التحديات.. والتماس الدعم الممكن
ه——————————————————-ه
لقد عمل فريق الشركة منذ مارس الماضي على ست جبهات عمل، هي اليوم محاور استيراتيجية معتمدة لتأهيل الشركة في الأمد المتوسط (3 سنوات): -استدامة الإنتاج، – تثبيت الموظفين المهنيين، – الحكامة، – ترتيب الوضعية المالية، – عقلنة الاستيراتيجية التجارية، – بلوغ عتبة مردودية الشركة.
وسيكون لهذه المحاور -بعد إعادة تشغيل المصنع في 2024 بإذن الله- سابع هو إقلاع الشركة. والذي يتضمن فتح باب الشراكة مع القطاع الخاص، كما أشار إليه بيان القطاع المذكور، والعودة لفكرة فتح مصانع أخرى تحت مظلة الشركة، كما كان طموح الحكومة في بداية المشروع.
ليكون ذلك الإقلاع المنشود كرؤية للشركة ثمرة طبيعية لتجربة الشركة التراكمية خلال عقد من مقارعة التحديات التي تواجهها إقامة صناعة ألبان مستدامة في عمق الحوض اللبني للشرق الموريتاني.
وقد رصدت الخطة الداخلية للشركة التحديات التي ترتبط بكل محور من المحاور المذكورة، للعمل منهجيا على تذليلها.
وتتزاحم هذه التحديات بوجه خاص في النصف الأول من السنة الجارية في إطار الحاجة إلى استجماع متطلبات تأهيل المصنع وإعادة تشغيله المبرمجة في يونيو القادم بإذن الله.
لذلك سنكتفي هنا بالتركيز على التحديات الملحة في النصف الأول من 2024، والتي تتطلب مستوى من الدعم لا غنى عنه، من مختلف مؤسسات العمل الإداري وفوق مستوى الوتيرة اليومية بكثير.
ويمكن أن يجمع هذه التحديات عنوان كبير وعريض هو: إكرهات الصناعة تحت مظلة عمومية، بوصف معظم التحديات التي ستذكر لن يكون ذا تأثير كبير لو كانت الشركة تعمل تحت مظلة خصوصية.
لكن من الجلي أيضا والمتفهم أن الموارد العامة يجب أن تخضع لمنظومات إجرائية خاصة، توزان بين متطلبات سرعة الأداء وضمان الحكامة الرشيدة، والشركة في كنهها مؤسسة ذات أهداف عميقة، اقتصادية اجتماعية تنموية، لا مؤسسة تجارية ربحية بسيطة.
فيما يلي إذن نرصد في هذه المقالة مجموعة من أوجه الدعم التي نلتمسها باسم الشركة من كل مؤسسة إدارية معنية، ولم نذكر قطاعنا نفسه، قطاع التنمية الحيوانية ومؤسساته، لكوننا نجزم مسبقا بدعمه المشكور:
1- وزارة المالية:
* تعجيل تفعيل المخصصات الميزانوية لسنة 2024، الخاصة بتغطية التكاليف الثابتة بتحويلها لحساب الشركة؛
* تسوية العجز القديم لحساب الشركة لدى الخزينة العامة لتيسير عمليات استخدام الحساب اليومية؛
* تعجيل وضع الاعتمادات الموجهة لميزانية الاستثمار، بعد رصدها من طرف وزارة التنمية الحيوانية على حساب صندوق دعم التنمية الحيوانية، تحت تصرف الشركة؛ لربح الوقت في بدء عملية التأهيل؛
* متابعة تفهم وجود جزء كبير من المتعاملين المحليين مع الشركة في النعمة الذين لا تمثل شيكات الخزينة حلا بالنسبة لهم، بل لا بد من سداد مستحقاتهم من صندوق الشركة وحساباتها في البنوك الممثلة في النعمة.
* تعجيل الرد بنتيجة دراسة ميزانية 2024 : خاصة في ضوء موضوعين كثيرا ما كانا سببا لمراسلات متكررة مع الوصاية المالية، وهما: أ- اكتتاب مجموعة من أصحاب الخبرات الفنية الضرورية للشركة وغير المتوفرة ضمن عمالها الحاليين ولا السابقين، ب- اقتناء سيارة مهام للشركة بعد التعطل المتكرر في مهامها الأخيرة لسيارة المهام المقتناة منذ 2016.
* تعجيل التحويلات التي تقدمها الشركة إلى موردي الخدمات والأشغال والتجهيزات التي تحتاجها عملية التأهيل.
2- لجنة الصفقات الجهوية بالحوض الشرقي
+ اللجنة (المركزية) لرقابة الصفقات العمومية بنواكشوط:
* الاطلاع على واقع استعجال صفقات الشركة المرتبطة بعملية تأهيل المصنع من منطلق تحدد المواصفات الفنية للتأهيل في منتصف شهر فبراير تقريبا بعد تسلم تقرير مكتب التشخيص النهائي، ولزوم الانتهاء من جميع الأشغال قبل يونيو، مع ترك الآجال المعقولة التي يتطلبها تنفيذ الصفقات نفسه.
* الاطلاع على واقع كون المصنع تم توريد معداته من طرف شركات هندية في غالبها وبعض الشركات الإيطالية، وأن التعاقد مع تلك الشركات بالنسبة لكل صفقة تأهيل مستعجلة يكاد يكون الخيار الأوحد لضمان التنفيذ في الأجل المطلوب.
3- البنك المركزي الموريتاني:
* تعجيل التحويلات التي تقدمها الشركة عبر الخزينة العامة إلى موردي الخدمات والأشغال والتجهيزات التي تحتاجها عملية التأهيل.
وفي الأخير:
فقد استشعرنا اليوم الحاجة إلى هذه المقالة، وما رأينا أن تتضمنه من بشائر تيسير نسأل الله أن يستمر، ومن حاجة للدعم من مؤسسات إدارية شتى نسأل الله التوفيق فيه.
استشعرنا ذلك بوجه خاص بعد أن أزف موعد عمل مكثف، يسر الله تقديم بعضه، لكن جله كان ينتظر تلقي الشركة اليوم للخلاصة الرئيسية لدراسة تشخيص الاحتياجات المالية والفنية لعملية التأهيل، التي كلف بها مكتب من الشقيقة تونس (HAC Tunisie)، بخبراء مختصين، إثر مناقصة مفتوحة، بتمويل من وزارة التنمية الحيوانية.
وتنتظر الشركة تلقي التقرير الفني المفصل المؤقت في ظرف أيام، والتقرير النهائي بعد أخذ الملاحظات في منتصف فبراير، بعد تأخر أملته ظروف متعلقة بخصوصية المهمة وبواقع مكتب يكلف لأول مرة بدراسة بمثل تلك الخصوصية خارج بلد مقره.
وسيكون تقرير هذه الدراسة مستندا مرجعيا للمواصفات الفنية لمختلف الأشغال والخدمات والتجهيزات، وللتقديرات المالية، المتعلقة بتأهيل المصنع وضمان استدامة إنتاجه في الأفق المتوسط 2024-2026.
وتؤكد هذه الدراسة أن مهمة تأهيل المصنع وإعادة تشغيله قبل موسم الخريف القادم بالفعل مهمة ممكنة، بإذن الله، وإن كانت صعبة.
لكن تلك هي مواصفات الهدف الجيد الطموح: الإمكان مع الصعوبة.
والله ولي التوفيق.