الشيخ ولد أمينو ولد الفراء
الشيخ محمد ولد أمینو ولد الفراء ولد المازري
من (السهوة) إلى ابچكْ مرورا بآفطوط الساحلي تنقل القوم بين مواسم العلك ومواسم الحصاد في شمامة، وانتظمت رحلات الشتاء والصيف بحثا عن الكلأ والمراعي وطلبا للميرة.
لبحرْ لخظرْ شديد الإضطراب إلى مضطرب والناس بين قرى إدويرت ول صمب نور – إنچا گو و بِيرتْ وأسبيخات و وأزريبه و إبْدنْ و الزيره و وقرى مسين، في انتظار أن يفيض ابچكْ ..
في ليلة غراء ضاحية هي ليلة المولد النبوي كان الجو مفعما بالإيمان والمحبة يتصاعد فيها الذكر ويعلو المديح، ليلة الثاني عشر من ربيع الأول سنة 1260هــ – 31 مارس 1844 ازداد ذلك الحي من إشگانن (تندغه) قرب مدينة كرمسين بولد هو: محمد ولد أمینو ولد الفراء ولد المازري.
عاش الولد أول حياته مع أبويه وكانا يحرصان كغيرهم من بيوتات الزوايا على البدء بتعلم القرآن وقد تم ذلك على يد أسرة أهل أحمد لقمان الشرفاء.
وهو يافعٌ حدثٌ كان من هواياته أن يذهب مع أبناء حيّه لركوب الحمير وذات يوم وهـو يمارس هوايته تلك مر به ابن عمه محمدن بن الصوفي بن المازري فأنزله عن الحمار وطرحه أرضا ثم ضربه وجز ناصيته وقال له اذهب لتدرس فهذا لا يليق بأضرابك..
يقول محمد ولد أمینو ولد الفراء:
والله ما ذهبت من عنده ولي هم غير طلب العلم..
كان ذلك منعطفـا غير حياته إلى الأبد فبدأ بالدراسة الجادة وخلال تلك الفترة طاف بكثير من المحاظر فدرس ألفية ابن مالك على الشيخ محمـدن بن الصوفي وعلى عم أبيه الشيخ المصطفى بن المازري كمـا درس “الكوكب الساطع” على الشيخ المؤيد بن سيدي التندغي.
بعد الدراسة في محيطه بدأ رحلة تحصيل خارجي فمكث مدة غير يسيرة في محظـرة الشيخ ميلود بن المختار خي الديماني طالبا ومدرسا، كـمـا درس التفسير على الشيخ محمدو بن حنبل الحسني ، ودرس على الشيخ الخراشـي بن محنض التاشدبيتي ، ودرس التصوف على الشيخ محمذن فال بــن متالي التندغي ، كما درس علم الحديث في سن متأخرة من عمره على زميله الشيخ محمد بن المؤيد التندغي.
ودرس على العلامة محمد فاضل ولد أحمد دليل اليعقوبي الذي وكّله في شأن “الصديقية” التي هو صاحب الدعوى فيها.
وبعد تلك الرحلة العلمية، عاد إلى مضارب أهله في آفطـوط والممتدة مـن انتيدبان 22 کيلو مترا شمال نواكشوط إلى مصب النهر جنوبا.
فأسس محظرة ما لبثت أن استقطبت التلاميذ من كل حـدب وصوب كانت تدرس بها جميع الفنون.
ومن أشهر من تخرج منها ابنه الشيخ أمينو وابن أخيه الشيخ محمـد بن محمودا شارح نظم بوطليحية، والشيخ المختار بن ابلول الحاجـي ، والشيخ حبيب بن الزائد الإدگفودي والشيخ محمدن بن عــبـد الصمد التندغي المالكي، والشيخ اباه بن انچبنان الشگاني، والشيخ أحمدو بن ددانه بن الفراء بن المازري، والشيخ المصطفى (ففا) بن خالد بن المصطفى بن المازري وغيرهم.
له مؤلفات منھا:
١ نھج الفلاح والسعادة إلى معاني وسیلة السعادة لابن بونَه
٢ تیسیر الملامس لما ھو من النوازل طامس حقق جزء منه
٣ الركونیة في الولاء والنسب
٤ إتحاف السائل لما لأولاد أحمد من دمان من الشمائل محقق
٥ الارتداع عما أحدثه أھل الدین من الابتداع محقق
٦ الذب بالأسنة عن هتك حرم السنة
٧ نظم في المأمورات والمنهيات
٨ الآيات البينات في تحريم عرّات
٩ نبذة في شأن مال اليتيم
١٠ رسالة في ثبوت الأحكام بالتلغراف
١١ أنقال وأنظام في الحساب العددي والفلكي
١٢ الكرشة في التاريخ
١٣ كتاب في أنساب بعض قبائل الگبلة
١٤ كتاب في علم التربيع
كما اشتهر بمناظراته ونقاشاته مع علماء عصره ومنها:
١ المسألة الزيدية أو الركونية وتتلخص في تقديم عاصـب النسب في الإرث على عاصب السبب التي خالف فيها الشيخ محمـد عبد الله بن أحمدو التندغي.
٢ مسألة ثبوت الأحكام بالتلغراف التي خالف فيها علماء ولاته وقد كانوا نفوا ثبوت الأحكام بها.
٣ مسألة اشتراط الإشهاد في التبرعات التي خالف فيها الشيخ حبيب بن الزايد والمامي بن أبابه التندغيين.
٤ مسألة الطبل وضربه عند القبور التي خالف فيها أشياخ الطريقة الصديقية.
٥ تحريم أكل الخنزير البري المسمى (عَرْ) التي خالف فيها من يسميه المرحوم.
لم يدم جلوس محمد ولد أمینو للتدريس طويلا فما إن عـم صيته أرجاء المنطقة حتى اتصل به أمير الترارزة ليوليه القضاء فـي سابقة حيث لم يتولَ القضاء في الإمارة قبله أحد من خـارج تشمشة.
وقد قبل بعد رفضه على شروط منها عدم تدخل الأمير في أحكامه وهو ما أكسبه استقلالية مكنته من إصـدار أحكامه بحرية ونزاهة.
وكان تولي القضاء في تلك الفترة يقع بتولية الأمراء وبتكرار الرفع وبالوراثة كما ذكر الشيخ محمذن باب بن عبد الله ، والشيخ أحمد بن الأمين في الوسيط، وقد تولى ولد أمینو بالطـرق الثلاث:
فقد ورثها عن آبائه كما ذكر بن حامد في جزء تندغـة من أن أهل المازري بيت علم وقضاء متوارث.
كما ولّاه أحمد سالم (بيّادَه) بن اعلِ بن محمد لحبيب بعد أن تكرر الترافع إليه في محيطه.
وقد حكم محمد ولد أمینو في قضايا شائكة منها:
١ حكمه ضد الشيخ باب ولد الشيخ سيديا لصالح تاگنانت.
٢ حكمه ضد أهل باركل لصالح أهل سيدي ولد النعمان من الشرفاء أهل سيد محمد السباعيين.
٣ حكمه على الطريقة الصديقية بقيادة الشيخ محمد عبد الحي بـن الصبار المجلسي ، سميت تلك المنازعة بـ “الصبارية ” وشهد مرافعاتها كبار علماء المنتبذ القصي وكثرت فيها النقول والنقائض وكانت عام 1336 هـ 1918 م ، نهاية الحرب العالمية الأولى ، يقول العلامة المختار ولد المحبوبي في نظمه لحوادث السنين:
وعام “لوّ” مات من فاق الورى :: فى العلم والحلم وفى التقى (البَرَا)
كان جميل الخلق عدلا مرتضى :: وهو ابن بَگِّي ذو العلوم والقضا
وجودة الأشعار والمطالعه :: وفيه (سِلم الرّوم) ، و(المرافعه)
بين الشريفين ابنيِ الصبار :: وعلماء البلدِ الكبارِ
وقد كان توليه القضاء في إمارة أحمد سالم بن اعلِ (بَيّاده) قبيـل دخول الاستعمار للبلاد وتقول الروايات إن الفرنسييـن لما استتب لهم الأمر سألوا عن من كان يتولى القضاء في الإمـارة فذكر لهم ابن أمينو فطلبوا من رؤساء قبيلته أن يأتوهـم به ليولوه القضاء وهو آنذاك عند ابنينعچ فلما أعلموه بالأمر الذي طلب الفرنسيون ذهب في نفس الليلة إلى صديق له من الوولف وطلب منه زورقا ليعبر النهر إلى السنغال ليكون فــــي مأمن من العمل مع الكفار وترك في فراشه قصيدة يتوسل بها إلى قبيلته لتخليصه من المشكلة التي حلت به.
وقد رجع بعد زمن فلما علم به الحاكم الفرنسي أمره أن يفصل بين من يترافعون إليه كحل وسط.
وقد أعطته الإدارة الفرنسية دفترا لتسـجيل أسماء المتقاضين ، يكتب فيه اليوم والشهر والسنة ويبين فيه نوع الخصومة وقد ضاع هذا السجل (كوثيقة تاريخية) فيما ضاع من مكتبته.
كان الشيخ محمد ولد أمينو رحمه الله أحد كبار علماء البلد في زمانه فهو فقيه لا يشق له غبار في ميدان النوازل قضاءً وإفتاءً فلا يكاد يذكره ذاكر إلا ووصفه بذي النوازل وبالإضافة إلى ذلك فقد كان لغويا أديبا مؤرخا نسابة له باع واسـع فـي علم الكلام والحساب العددي والفلكي إلى غیر ذلك من المجالات.
وبالجملة فقد كان فتى زمانه ويتضح ذلك جليا من شـهادات أقرانه فهذا العلَم الشيخ امحمد بن أحمد يوره يقول في شهادة تقديـر وتعديل بعد أن ٲطلعه الله على ما يراوده عليـه أحد المتقاضين من رشوة حيث أبدى ثباتا منقطع النظـيـر على الحق رغم الاغراء والتخويف يقول امحمد:
لئن هزل الأعراضُ من علمائِنا :: فعِرضُ الفتى ابنِ المازري سمينُ
وقد حاولوا منه الخيانةَ جهدَهم :: ولكنما نجل الأمين أمينُ
كانت له علاقاته وطيدة مع معاصريه ومنهم
الشيخ باب بن الشيخ سيديا
الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل
الشيخ زين بن اجّمد اليدالي
الشيخ عبدالرحمن بن لمرابط بن متالي
الشيخ باب بن محمدن بن حمدي الحاجي
الشيخ البراء بن بگي الفاضلي
الشيخ محمد فال (ببّها) بن محمذن بن العاقل
الشيخ سيدي بن المختار أم
الشيخ أبو بكر بن أحمدو بابا التندغي
الشيخ محمد بن أحمد يورة الديماني
الشيخ المستعين الكمليلي
الشيخ مينوك بن الطاهر التندغي
الشيخ لكبيد بن چب التندغي
الشيخ أحمد بن كداه الكمليلي
الشيخ محمد أحمد بن الرباني التندغي
الشيخ محمدن بن الشيخ محمدو بن حبيب الرحمن
الشيخ محمذن محمد فال الديماني
الشيخ أحمدو بن احمذي الحسني
الشيخ حبيب بن الزايد التندغي
الشيخ حامد بن محمذن الديماني
الشيخ محمذن فال بن أحمدو فال التندغي
الشيخ محمد عبد الرحمن بن أحمد بن أمغر التندغي
الشيخ محمد عبد الله بن الشيخ محمد بن احمذيه
الشيخ المختار بن المحبوبي اليدالي
الشيخ أحمد بن المختار بن حيمده
الشيخ عبد القادر آل الأمين الكمليلي
الشيخ محمد فاضل بن أحمد دليل اليعقوبي
الشيخ محمد بن المؤيد التندغي
الشيخ محمد عبد الله بن أحمدو التندغي
الشيخ محمذن بن محنض باب بن اعبيد الديماني
الشيخ عبد الله بن اماه التندغي
الشيخ لب بن محم تل التندغي
الشيخ عبد الله بن محمذن بن العاقل
الشيخ محمد لحبيب بن انتف الركوني
توفى الشيخ محمد ولد أمینو ولد الفراء رحمه الله يوم الاثنين 14 صفر 1345ھـ الموافق 24 أغسطس 1926م عند (عرش ٱوچبر) ودفن بمقبرة (بوتافراوكت) على بعد 123 كيلومترا من انواكشوط على طريق انواكشوط روصو.
وقد أرّخ لوفاته ابن أخيه الشيخ محمد بن محمودا بن أمين بقوله:
ومات ثاني القوم عام شمسـه :: وبمماته منار رمـسـه
وكذلك العلامة محمدن بن حبيب الرحمن بقوله:
لابن أمين عام شمسه انكسـر :: عمود فقه مالك شهر صفـر
وقال العلامة المؤرخ المختار ولد المحبوبي:
وذو النـوازل وذو الـفـتاوي :: وذو الحسـاب عـام دم تـاوي
أعـنـي بــه محمـدَ الفـــــراءِ :: مــن مثلـه ليــس يـراه الراءِ
فهو لدى فصل القضا أمينُ :: نـجلُ أمين عـرضُه سمـينُ
حيث قضاةُ عصره في الأرض :: يوجدُ فيهمُ هزيلُ العرض
كامل الود
من صفحة سيدي محمد: إكس ولد إكس اكرك