آراء وتحليلات

رئاسة موريتانيا لمجموعة دول الساحل رهان متعدد الأبعاد / د.محمد الراظي بن صدفن

تعتبر مجموعة دول الساحل الخمس المعروفة بإسم G5Sahel و التي تضم كل من موريتانيا و بوركينا فاسو و أتشاد و مالي و النيجر إطارًا مؤسسيا لتنسيق التعاون الإقليمي في سياسات التنمية و الشؤون الأمنية في غرب إفريقيا و ذلك منذ تأسيسها في العاصمة أنواكشوط سنة 2014م.

و قد تمكنت هذه المجموعة من إنشاء قوتها المشتركة سنة 2017م في مسعي منها للتصدي للجماعات المتطرفة المسلحة العنيفة و مواجهة الحالة الأمنية المتدهورة في المنطقة من ناحية، و ضمان بئة مواتية للتنمية الإجتماعية و الإقتصادية من ناحية أخري.

و علي الرغم من أهمية و محورية الأهداف المتفق عليها من وراء تأسيس هذه المنظمة في مجال تحقيق الإستقرار و السلم الأهلي بالنسبة لكامل شعوب المنطقة ،فإن التدخل الأجنبي في الشمال المالي الذي بدأ في العام 2013م و أستمر ما بعد 2015م لم يكن يخلو من بعض التداعيات السلبية حسب بعض المراقبين لا لكونه يفتقر لرؤية واضحة فحسب ، بل لكونه أدي إلي حصد الكثير من الأرواح و نزوح الألاف من المواطنين إلي دول الجوار في ظروف صعبة.

و علاوة علي هذا و ذاك فقد خلق هذا التدخل بئة مؤاتية لتصعيد عمليات الإرهاب و العنف الأهلي مخلفا بذلك أزمة أمنية بإمتياز متعددة الأبعاد .لهذه الأسباب فقد عرفت منطقة الساحل عمومًا حالة من الفوضى غير مسبوقه للأسف الشديد ، تميزت بإستمرار تهريب المخدرات و الإتجار بالأسلحة و إرتفاع وتيرة عمليات الإختطاف التي تستهدف المدنيين مع غياب خضوع بعض المجموعات للسلط المركزية لتلك الدول ، و هو ما أفسح المجال  أمام قيام وضع جيو ستيراتيجي جديدًا أكثر تعقيدًا من ذي قبل.

ولا شك أن إجماع دول الساحل الخمس اليوم علي تولي رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة المنظمة في هذا الظرف الدقيق و مباركة الدول الأوروبية اللاعبة في المشهد السياسي و الأمني في إفريقيا جنوب الصحراء يؤكد مرة أخري بما لا يدع مجالا للشك علي الثقة التي يحظي بها الرجل في دوائر صنع القرار علي المستوي الإفريقي و الدولي و علي نجاعة مقاربته لحل أزمة الساحل .

فقد أكد سيادته مرارًا علي أنه لا يمكن بناء التصورات في حل هذه القضية بناء علي المقاربة الأمنية وحدها و ذلك لقناعته بأنها ذات أبعاد متعددة. لأن الأمن في نظره لا يمكن تحقيقه إلا عبر إقامة تنمية اقتصادية حقيقية تستجيب لتطلعات المجتمعات المحلية في الولوج للخدمات الأساسية الصحية و التعليمية و محاربة الإقصاء و التهميش و الحد من معدلات البطالة و تداعيات التغير المناخي الذي أضر كثيرًا بالفئات الهشة.

و يعتبر رئيس الجمهورية من المدافعين عن فكرة شمولية مراعاة الأبعاد الفكرية و الإقتصادية و الأمنية و الإجتماعية في أي استيراتيجية لمحاربة الإرهاب و التطرف.

و هذا في الواقع ما يؤهله لكسب الرهان من خلال خبرته الأمنية الواسعة و تجربته الميدانية الفعالة التي ستمكنه بحول الله من وضع الأسس الكفيلة لحل هذه المعضلة. التي باتت تهدد السلم و الآمن الدوليين و تؤرق مضجع العديد من شعوب المنطقة.

و نحن إذ نتمني لفخامة الرئيس كل التوفيق و النجاح في معالجة هذا الملف ، فإننا نعتبر أن الثقة الممنوحة إليه من الشركاء الخارجيين ، تمثل نجاحًا كبيرًا لموريتانيا علي الدور الفعال الذي تلعبه ديبلوماسيتها في المحافل الإقليمية و الدولية.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى