الصحافة بين حضور الإرادة وضعف الإدارة/الولي سيدي هيبه
منذ فترة تتسارع الخطوات العملية باتجاه تطبيق التعليمات التي صدرت عن رئيس الجمهورية إلى وزارة الثقافة والرياضة والعلاقات مع البرلمان على ضوء التقرير المفصل عن وضعية حقل الصحافة المتداعي أعدته اللجنة المكلفة من طرف من الرئاسة لتنقيته وإصلاحه من خلال تقديم تصورات الحلول وآليات التأهيل حتى تضطلع بدورها “سلطة” رابعة وفاعلا طلائعيا في عملية التنمية على كافة الأصعدة ومصاحبا أمينا للحكومة في تنفيذ برامجها الإصلاحية والتنموية.
وكانت السلطة العليا للصحافة والسمعيات والبصرية (الهابا) قد نظمت ضمن أنشطتها المكثفة والمتنوعة، بمناسبة الثالث مايو “عيد للصحافة العالمي”، ندوة نوعية 11/05/2022 تحت عنوان “الإصلاح الإعلامي.. مكاسب ورهانات الضبط والضبط الذاتي” استدعت لها لإنعاش كل جوانبها خبيرا في القانون وضليعا في الإعلام وعدد من المختصين وذلك بحضور كثيف للصحفيين من القطاعين العام والخاص وكوكبة من المدونين. وقد ذكر رئيس سلطة الهابا الدكتور الحسين ولد أمدو في كلمة الافتتاح أن موريتانيا تشهد تجذر مسار الإصلاح الإعلامي منذ إعلان الرئيس محمد ولد الغزواني تشكيل لجنة إصلاح الصحافة قبل سنتين، مشيرا إلى أن التعديلات التي اقترحتها اللجنة تضمنت إصلاحات هامة تستجيب للتطلعات وأن العمل يجري لإكمال الترسانة القانونية التي اقترحتها اللجنة، بما فيها مراسيم الخدمة الالكترونية والدعم المندمج للصحافة المستقلة والبطاقة الصحفية المهنية، من بعد أخرى نظمتها يومي 28/29 دجمبر 2021 حول “الضبط والحكامة الديمقراطية” حضرتها:
ـ جميع السلط الضبطية الوطنية،
ـ واللجنة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (CNDH) ،
ـ واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (CENI)،
ـ وجمع كبير من الصحفيين من القطاعين العم والخاص وكوكبة المدونين والخبراء.
وتتنزل الندوة دولية حول أهمية “احترام حرية الصحافة وحماية الصحفيين وسلامتهم أثناء التغطيات الميدانية” التي ينظمها في نواكشوط مركز “الجزيرة” للحريات العامة وحقوق الإنسان بالتعاون بين نقابة الصحفيين الموريتانيين ومركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان، في إطار ما يشهده المسار التصحيحي لقطاع الإعلام ودعم تهين الصحافة ومأسستها.
ولما أن رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني قد أعطى التوجيهات وأصدر التعليمات لإصلاح قطاع أدرك منذ الوهلة الأولى أنه لا يؤدي دوره المحوري في عملية الإصلاح و تنفيذ المخططات التنموية، فإن توسيع صلاحيات “الهابا” وتفعيل دورها التنظيمي و”الرقابي” قد أخذ نسقا محمودا وشكل خطوة واعدة لإصلاحه ودفعه إلى تبوء مكانته كـ”سلطة” رابعة بحق لا غنى عنها.
وما الخطوات الجبارة الملموسة التي حققتها اللطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في مجال “التنظيم” بكل أبعاده ـ وقد ظل ردحا من الزمن نظريا ـ إلا المظهر العملي العالي الحرفية الذي أصبح محسوسا في مجال الصحافة بشكل خاص والإعلام بشكل عام، وما التوجه الحاصل بالإرشاد والتأطير إلى المؤسسية ـ شيئا فشيء ـ والانتظام في الأداء والعمل بالمساطر والنظم والعهود والمساطر والمواثيق، إلا بارقة أمل كبير في “جدار” سميك من اللاحرفية وضرب به للأخلاقيات وتعطيل للمهنية، وإذ ما زالت علة “القيادة” القاصرة والمقصرة التي بقي جل أصحابها من “المتحولين” عبر المفاصل المتكلسة والمسالك الضيقة للإعلام في دوامة التدوير، عبر نظام العشرية تحت عناوين “اللوبياتية” وتقديم الخدمات المشبوهة للمتنفذين، عصيين على الاحتراف والأمانة الإعلامية، مكبلين بأصفاد “الخشبية” في الأداء المنهجي والطمعية والغرضية في المقاصد والتحجر في التوجهات التحريرية التي تغطي على الحقيقة وتحمي المفسدين والمقصرين مهنيا، والناكثين بالعهود والمستهترين بالتعهدات، والمخلين بأداء الأمانة السامية والتسيير الشريف للمقدرات والتنظيم المتقن لبلوغ الأهداف المرسومة لوطن ينشد البناء.