مطبات في أجواء التشاور!!
شهد قصر المؤتمرات فعاليات تخليد اليوم العالمي للرقمنة على غرار باقي بلدان العالم حيث أصبح العالم منذ العقود الأخيرة قرية واحدة.
جاء تخليد اليوم العالمي للرقمنة عشية وثيقة وزارة الداخلية واللامركزية عن الخريطة السياسية للأحزاب على عموم التراب الوطني، إذ عادت بنا هذه الوثيقة المسربة قرونا الى الورى حيث ترسخت القبيلة في التوازنات السياسية، من قبيل الأقوى،في المقاطعة N ، حلف R من قبيلة X ،وهكذا دواليك من ولاية الحوض الشرقي الى ولاية إينشيري .
ومن البديهي أن التركيز على القبيلة في الخريطة السياسية والترشحات مستقبلاً،لا شك أنه تكريس، للبنى الهرمية التي عفا عليها الزمن ،فلماذا تحريم التجمعات القبلية والعمل بها في التقارير الرسمية، أليست وزارة الداخلية واللامركزية هي من أصدر تحريم التجمعات القبلية في تعميم خلال الصراع على مرجعية الحزب؟
في ظل هذا المناخ، القاسي، إجتماعيا، واقتصاديا، تشهد البلاد حوارا سياسيا بين مختلف القوى التي دأبت أن تجتمع في مناسبات سابقة ثم تعود الى نفس المربع، منذ حكم سيدي ولد الشيخ عبدالله الى ولد عبدالعزيز، وهاهو الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يواصل المشوار، ويسير على نفس الدرب.
ولئن صار القطار على نفس السكة ، أمس، واليوم، فإن تباين الرؤى في ملفات الإرث الإنساني، والعبودية، وسن الترشح، وانسحابات، تلي، رفض الدخول في حوار ، ناهيك عن ماصدر عن المقرر الأممي الخاص بقضايا محاربةأشكال العبودية المعاصرة الذي أكد على ما كانت المنظمات والهيئات الحقوقية الوطنية والدولية تصدره في بياناتها والتي دأبت الحكومات المتعاقبة على نفيه جملة وتفصيلاً……
اليوم وبعد إنقلاب الموقف- إيجابياً- لصالح الحقوقيين الذين طالما وصفوا بالعمالة والخيانة خلال العقود المتوالية من عهد ولد الطائع الى ولد عبدالعزيز فإننا نتفق جميعا على أن البلد في وضعية مقلقة في ظل ظروف إستثنائية إقليمية ودولية وهذا يتطلب قدرا من الشجاعة والإخلاص حتى نحافظ على السكينة العامة بعيدا عن لغة الخشونة و التنافر والتباين والقمع والرجوع الى السنوات الخوالي، سنوات الجمر،التي لا تخدم أياكان، خاصة أن عقليات الناس تطورت أكثر من أي وقت مضى بفعل ماكينات الوعي ،ونقل المعلومات بالصوت والصورة، عوضاعن الوسائل الكلاسيكية،ولعل خروج الناس رفضا لقانون السير،المضر بمصالح الطبقة الكادحة خلال العشرية ،وما رافقه من اهتزاز لعرش ولد عبدالعزيز حينها أبسط دليل على ضرورة،العمل بمقتضى مواد تخدم الحكامة و الحكومة أكثر مما تهدد اللحمة الإجتماعية الرخوة.
أجواء التشاور، جاءت، و خطاب الإنصاف الثري، ك…فصل مكمل ،لبرنامج تعهداتي، لكنه، في الحقيقة لم يعكس تطلعات المعنيين به ، والحال نفسه مع برنامج تعهداتي، أجواء الحوار، يبدو أن غيمتها قاتمة، ولم تبعث الى الأمل، ف…يوم تلو الآخر، تحدث صيحة، مرة تسجيل صوتي يشكك في وطنية إحدى المكونات، ثم جاءت الخريطة السياسية للأحزاب ممزوجة بالتوزيع القبلي، تزامنا مع اليوم العالمي للرقمنة، وآخر طراز من المطبات المهددة للحمة الإجتماعية المتمفصلة،فسيفسائيا،، وقفة احتجاجية من المكونات الإفريقية تطالب بإعتماد اللغات الوطنية، في المناهج الدراسية، والتقارير، الإدارية، مثل الأمازيغية، في بلدان مغاربية، كل هذا الهراء، من هنا وهناك، ومن هذا المكون، و من تلك الشريحة، ترافق مع سلسلة خطابات، وانتقاد لإدارة عجزت أن تلبي طموحات، رئيس اجتمع حوله كل الطيف السياسي، بيد أن الأجهزة الإدارية للأسف كبلتها القيود وعدم الكفاءة وقلة الخبرة رغم الحرية المطلقة الممنوحة، وحجم ميزانية هي الأكبر منذ نشأة الدولة، وهذا العجز والخمول أسفر عن تغيير الحكومة ثلاث مرات، والمفارقة بقاء ” نواتها” الأساسية، التي يرجع إليها كل أنماط ” الفشل ” رغم تقادم سنين الخمسية، ،كم
هوجميل أن ينشغل الناس في المشاريع الكبرى ،و وكم هو جميل أن يزف لنا الرئيس أو الوزير الأول خبرا عن تحقيق الإكتفاء الذاتي ،أو إنشاء مصنع لتركيب الأجهزة والصناعات والسيارات، وكم هو جميل أن يعلن الى الملأ استعادة كل الأموال المنهوبة في هذا العهد الميمون ،وفي العشرية،كما استعاد مهاتير محمد أكثر من 50مليار في غضون شهر،حين عاد مرة أخرى ،وكم هو جميل أن يعلن للرأي العام عن تسديد الديون بدل زيادتها من حين لآخر دون أن ينعكس ذلك على السكان ، في الوقت الذي نحاول فيه التحرر من معوقات التراث ،ونقر بالمظالم التاريخية، فإن مسار القافلة يسير على نفس الريتم…فكيف يمكن التوفيق بين التخلص من القيود الإجتماعية ومجاراة الكيانات التي تجاوزت أبجديات التنمية في عالم متغير تغذيه الأزمات والحروب من كل زاوية؟
مهما يكن فإن موريتانيا للجميع، وقوتها في العقيدة الجامعة، بيد أن إتساع الهوة بين مكوناتها، هي أبرز التحديات و ترسيخ القيم المتجاوزة الصادرة في تقرير الخريطة السياسية للأحزاب لا يخدم الإستقرار فضلا عن إنتشار الفساد الذي أهلك وأفقر ودمر وخرب إقتصاد البلاد وقيدها بوابل من المعوقات كالتراتبية والفئوية والديون والتعلق بالآخر.
محمد ولد سيدي كاتب صحفي المدير الناشر لموقع اركيز انفو