آراء وتحليلات

مشروع غزواني : موالاة إصلاح لا موالاة مصالح / محمد أفو

من الواقعي أن يفكر النظام في تماسك اغلبيته السياسية.

ومن الطبيعي أن تبدأ هذه الأغلبية في استعراض نفوذها المحلي قبيل الانتخابات البلدية والتشريعية، لتقديم تحديث عن خارطة الولاءات.

يحدث هذا بشكل معهود ومنتظم لتركيز بؤرة الضوء على نقاط التفاوض المنتظرة.

هذه عملية تحديث لإملاءات الواقع، والغاية منها تقييد الإصلاح بقيود المصالح.

أنا هنا ولا شيء هنا بدوني.

مواكب مد البصر من السيارات الفارهة واستقبلات حاشدة وسقي لجذور الولاءات التقليدية.

تحدثت بعض الأصوات في البرلمان عن امتعاظ في صفوف الأغلبية، وهذا النوع من التعبير لا يكون لدوافع أو غايات وطنية فالموريتانيون يعرفون العير ويعرفون النفير كمعرفتهم ابناءهم، إنها حمأة النفير المبكر لضمان الترشحات على قوائم الحزب الحاكم في ظروف مرعبة لا تتوفر فيها مخارج الطوارئ المعهودة.

فقد كانت عشرات الأحزاب تتوسد تصاريحها في انتظار موجة المغاضبين وأحداث الفحول والحيتان.

لكن الوضع سيكون مختلفا هذه المرة مع وجود عشرة أحزاب فقط داعمة للنظام.

سيكون السباق محموما وشرسا وسابقا لأوانه.

سيقترب أصحاب الخبرة التفاوضية من المنطقة الفاصلة بين الموالاة والمعارضة وسيتقدم بعضهم خطوة للتهديد بالانخراط في معارضة راديكالية منتظرة، وسيتعزز هذا الوعيد الصامت بمبررات منها أن النظام كان منشغلا في الطبقات الهشة وازمات كورونا والركود العالمي وارتفاع الاسعار، ونسي ما دأبت عليه الأنظمة من خدمات الساسة وتسمينهم .

لكن الرئيس يدرك أن الحيتان تواجه ذات التحديات على مستوى قواعدها الشعبية.

فجل الخدمات والمشاريع كانت تستهدف المنسيين طوال العقود الماضية لا المنسيين فقط خلال عامين ونصف من حكمه .

إن امتعاض الأغلبية ليس إلا مظهرا من مظاهر التحول السياسي في البلاد.

ففي قاموس المجتمع السياسي تاتي عبارة ” سخط” من جذر ” حُرم ” والحرمان في التكييف الرياضي يكون ما بين ثمانية أصفار وتسعة بعد رقم صحيح.

وحرمان الواحد من هؤلاء يعني إعادة الحياة لقرية أو حي مما تعدون.

على أغلبية الرئيس أن تدرك أن حماية الإصلاحات ستكون هذه المرة من مهام البسطاء الذين وجهت إليهم الثروة.

وعلى هؤلاء البسطاء أن يدركوا ثمن التماهي معهم وتجويع القطط السمان التي ظلت تحشرهم في محاشر وطوابير التصويت ليزدادوا فقرا ويزداد الحيتان ثراء ويبقى الوطن على حارقة الطريق.

علينا جميعا أن نحمي مشروع الرئيس وأن نساعد في تشكيل اغلبية سياسية حقيقية توالي الإصلاح وتقيل موالاة المصالح.

من خلال تمكين جاد لقوى سياسية بديلة و شابة.

لابد من تحديث شامل للمفاهيم والقيم السياسية في البلاد وإنتاج افكار وطنية متخففة من أثقال هذا الواقع السياسي المرير الذي عاث ويعيث فسادا في كل مشروع إصلاح يبرق أملا.

في المقابل على النظام أن يكسب الوقت الثمين ليشكل حامية لمشروعه ممن آمنوا بمشروعه حرقة وأملا للإصلاح لا الذين أمّنوا وجودهم حوله شراهة للمصالح والثراء.

القوى الوطنية الصادقة والشباب والمهمشين و أصحاب المظالم والمنهكين من وطأة الاحباط.. الخ.

هؤلاء هم حماة أي مشروع إصلاحي سراد له أن يكون جذريا وتاريخيا.

هؤلاء هم ضمان الرئيس وحزامه وهم ادوات العمل التي سيحتاجها حسن تحس الحيتان بالجوع.

هؤلاء موالاة الإصلاح وأولئك موالاة المصالح، والرئيس يدرك الفرق بين ابن زيدون وابن عبدوس.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى