توطئة.. الرواية بين الخيال والحقيقة/الولي سيدي هيبه
رواية “نبع الظباء” التي ستصدر قريبا : صفحات مشرقة من ملحمة جهاد ضد دخيل على ربوع أرض حدودها “تفاهمات لفظية محسوسة، لا خطوط مرسومة بمعيارية العرض والطول، و محكومة بحدود أخرى من الدين تتماها مع أحلك تعقيداتها لتهدأ دائما قبل أن تنجلي عن طبيعة أحوالها.. “ما ماتت شجرة تركت غصنا نديا وجذعا قويا وظلا ظليلا”
رواية مهداة إلى المجاهدين الذين نفوا عمدا أو نسيانا من متن صفحات الجهاد على الرغم من أن أمجادهم المحفورة في ذاكرته الخالدة منقوشة بأحرف من نور ومطلية بماء الخلود.
توطئة:
يعتقد محمد المرزوقي أنه من المستحيل أن يكون “الخيال” وحده هو الطينة التي يضع فيها “الروائي” يده ليخلق شخوص رواياته، لأن عقله شبيه بالإسفنجة التي تمتصّ كثيراً من التجارب بعد أن يجتازها واللحظات التي يعيشها الأشخاص الذين يعبرهم بحماس “المتفقد” مناطق الحركة معتمدا على طاقة الخيال، ويعبرونه بقوة الحقيقة، ليمضي بعد ذلك إلى إعادة الخلق بصورة مغايرة.
أما الروائي “البيروفي”، ماريو فارغاس يوسا، فقد عُرِف عنه أنه ينتقي “شخصيات” رواياته من الواقع ليحوّلها، بعد البحث والدراسة، إلى شخصيات روائية يطرد من حولها الضبابية بقوة الإقناع.
واهي هو الخيط الذي يفصل بين الحقيقة والخيال عندما ينيخ الروائي عند عتبة الكتابة للتناول بالسرد ملاحم “المجاهدين”، الذين يعترف المعتدي – على الرغم من إستعلائيته، والحق ما يشهد به العدو ـ ببسالتهم وقوة إيمانهم وعدم اكتراثهم، منذ الوهلة الأولى، بما تراءى لهم من تفاوت صارخ في موازن القوى عدة وعتادا؛ وهو الخيط، بالكاد يرى أو يحس، الذي يدعو كل عابر يهابه ألا يتردد في القفز من فوقه بأمان، طالما أنه يحمل “خياله” الجامح إلى منطقة “التماهي” المشتهاة مع الحقيقة “الغلابة” لسمو فعل الجهاد.
مقطع من رد على نار بين ضابط فرنسي ومجاهد أسير:
أرحامي .. تسكن كل شبر من هذه الأرض الطاهرة.. طليقة حرة في جبالها.. في سهولها .. في هضابها.. في أوديتها.. في أحراشها.. في سفوحها.. في بطاحها… تحت كل حصوة من كثبانها وحبة رمل على شطآنها..
أرحامي .. هي أرواح أوليائها الأتقياء، الذين عمرت دعواتهم الصالحة الخالصة كل ذرة من فضاء هذه الأرض الرحبة لتنساب كخرير مياه الحياة دافقة، عذبة فراتا من أعالي جبالها الشامخة لتسقي دائما أديمها المعطاء.