ثقافة

تعرف على قوانين بلدك – عقوبة الإستشمام ” اتكينزي”

 

المذيبات العضوية الطيارة تستعمل عن طريق شم أو شفط رائحتها بالفم، أو شم أية مواد كيميائية أخرى تحتوي عليها ا أو على الغازات البترولية مثل البنزين وهو مايعرف محليا باتكيزي.

يؤدي شم هذه المواد-بحسب الخبراء-إلى منح الشعور بالنشاط و الانتعاش والقوة في المرحلة الأولى وهو ما يدفع صاحبها عادة إلى الإقدام والمواجهة دون التفكير في العواقب لذلك يستعملها أصحاب السوابق قبل تنفيذ عملياتهم الإجرامية،

يذهب هذا الشعور في المرحلة الثانية التي هي مرحلة الهلوسة وتليها مرحلة الانهيار والخمول ثم النوم وهو ما يفسر القبض أحيانا على بعض المشتبه بهم وهم نيام في مسرح الجريمة أو بالقرب منها

لم يجرم القانون الموريتاني استعمال المذيبات و يخطأ القضاء حين يتابع مستعملي المذيبات تارة بتهمة الشرب أو استعمال مسكر وتارة بتهمة السكر العلني وطورا بتهمة استعمال المؤثرات العقلية مع أن واقعة استعمال المذيبات أو ” الاستشمام” كما أسميها لا يمكن وصفها بأي من تلك الأوصاف الإجرامية وذلك للأسباب التالية

1-بالنسبة لاستعمال مسكر :

لا وجود لهاذا الوصف في النصوص الجزائية الموريتانية ومعلوم أن القياس محظور في المجال الجزائي لتعارضه مع مبدأ الشرعية، فلا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني سابق على ارتكابها

2- بالنسبة للشرب:

نصت المادة 341 من القانون الجنائي على أن:” كل مسلم مكلف شرب الخمر طائعا عالما أنها خمر يعاقب حدا بالجلد ثمانين جلدة” ونصت في فقرتها الثانية على أنه:” إذا لم تتوفر شروط الحد مع قوة التهمة يمكن للمحكمة أن تعزر المتهم بالحبس مدة تتراوح ما بين ثلاثة أشهر وسنة…” وواضح من خلال المادة أن المجرم هو شرب الخمر، نعم كل مسكر خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام ، ويعني ذلك أن المجرم هو شرب المسكر، لكن الاستشمام شم لا شرب كما أن المواد المستعملة فيه مفترات لا مسكرات، وقد فرق الفقهاء بين المسكرات والمفترات في ثلاث: في الحد وفي النجاسة وفي تحريم اليسير كما فصله القرافي في الفرق الأربعين من فروقه المعروفة.

وبذلك يكون الوصف الوارد في هذه المادة غير منطبق على الإستشمام من جهتين، جهة أنه يعاقب على الشرب لا الشم ومن جهة المشروب الذي هو خمر “مسكر” لا مذيبات أو “مفترات”، و المادة تتعلق بالمكلف دون القاصر

3-بالنسبة للسكر العلني:

الأصل في السكر كونه دليلا على شرب الخمر يحد بمجرده وهو ما ذهبت إليه المادة 341 من قانون العقوبات سواء وقع الشرب في السر أم في العلن بشرط أن يشهد عليه عدلان.

ويشترط في تطبيق الفقرة الأولى الاسلام. لذلك عمد المشرع من خلال المرسوم 86-172 بتاريخ 2 اكتوبر 1986 إلى تجريم السكر العلني الواقع من الأجانب -من غير المسلمين طبعا-فسمح لهم بموجبه باستيراد واستهلاك المواد الكحولية وشبه الكحولية، وأحالت هذه المادة في العقوبة إلى الفقرة الثانية من المادة 341 من قانون العقوبات وبينت المادة 2 من هذا المرسوم المشروبات الكحولية فاعتبرت أن كل مادة تحتوي على 40 درجة فما فوق من تقطير الألكول فهي مشروب كحولي ( من ذلك على سبيل المثال أودوروش حسب ماهو مكتوب عليه )

وبذلك يتضح أن المشروبات الكحولية مختلفة كل الاختلاف عن المذيبات الطيارة. فهذا الوصف “السكر العلني” غير منطبق البته على الاستشمام من جهتين جهة حصول السكر العلني من أجنبي وجهة كون العلة فيه شرب مشروبات كحولية “مسكرات” لا شم مذيبات عضوية.

4-بالنسبة لاستعمال المؤثرات العقلية:

نصت المادة 39 من قانون المخدرات على أنه:”يعاقب بالسجن…كل من يتعاطى بشكل غير شرعي إحدى المواد المرتبة كمخدرات أو مؤثرات عقلية” ولأن كان الاستعمال يشمل الشم والشرب والحقن وغير ذلك إلا أن المؤثرات العقلية محددة بجداول تضمنتها الاتفاقيات الدولية، ولذلك نصت المادة 2 من قانون المخدرات على أنه ” لتطبيق هذه الأحكام يميز بين المخدرات ذات الخطر البالغ التي تمثل جميع المواد المدرجة في الجدولين 1 و2 والمخدرات ذات الخطر المدرجة في الجدول رقم 3 و المواد الوسيطة المدرجة في الجدول رقم 4″

وهذه الجداول تضمنتها اتفاقيات دولية كاتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 التي احتوت على أربعة جداول سمت ما مجموعه 115 نوعا من المؤثرات العقلية التي لها قوة الدفع إلى الإدمان بعضها خطر جدا على الصحة العامة مع انعدام فائدته في العلاجات الطبية، وبعضها له فوائد في العلاجات الطبية بشكل متفاوت مع تفاوتها في الخطورة، وقد أورد القانون رقم 2008-12 الصادر بتاريخ 27 ابريل 2008 المتعلق بمراقبة السوق الشرعية للمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف هذه الجداول ضمن ملحقات هذا القانون و لا تذكر أيا من المذيبات الطيارة التي هي مواد كيميائية مذيبة للمواد العضوية لها خاصية التطاير والتبخر الأمر الذي يسهل وصولها إلي الجسم عن طريق الجهاز التنفسي ولها رائحة نفاذة في الغالب، ومن أكثرها شيوعا البنزين (وقود السيارات) والإيثيل (وهو مادة سائلة عديمة اللون قابلة للاشتعال يستخدم كثيرا في صناعات اللواصق “كول فورس مثلا”)

والكلوروفورم ( وهو سائل عديم اللون له تأثيرات سامة على القلب والكبد يستخدم في صناعة الأصباغ والمبيدات الحشرية وفي بعض منتجات التجميل والغراء

والأسيتون وهو مذيب عضوي عبارة عن سائل عديم اللون قابل للاشتعال يستعمل في إزالة طلاء الأظافر ومرققات الطلاء وفي بعض منظفات الزجاج والخزف.

حظر المشرع الموريتاني من خلال المادة 38 استعمال المذيبات دون أن يرتب عقوبة على انتهاك هذا الحظر، ليجرم من خلال المادة 9 من نفس القانون تقديم المذيبات إلى القاصرين بعقوبة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنتين وغرامة من خمسين ألفا إلى مائتين وخمسين ألف أوقية.

ومن خلال ما سبق يتضح أن وصف المؤثرات العقلية لا ينطبق على استعمال المذيبات، من جهة لأن المؤثرات العقلية محصور في قوائم منصوص عليها في اتفاقيات دولية ليست من بينها المذيبات العضوية

وثانيا لأن استعمال المؤثرات العقلية مجرم بالمادة 39 من قانون المخدرات خلافا للمذيبات التي جرم تقديمها للقاصرين فقط بنص م 9 قانون المخدرات، ولم يجرم استعمالها سواء كان المستعمل قاصرا أم بالغا. وان حرم على المحلات التجارية والدكاكين بيع مواد من قبيل (كول افورس دلياه، ديسرفاه) للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر سنة، باعتبارها مذيبات عضوية.د ورتب العقوبة المذكورة اعلاه على ذلك.

 

…مع كامل الحقوق…

 

مولاي اعل ولد مولاي اعل

 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى