رائعتا العالمين المختار بن حامد وأحمد بن محمدا في رثاء عمهما باركلل بن محمذن
لما توفي العالم الجليل والرئيس الهمام بارك الله بن محمذنرحمه الله تعالى سنة 1362 هجرية ودفن بالشجرات الخضر قرب مدينة روصو رثاه ابن أخيه المختار بن حامد بقوله وأجاد:
مغنى التقى والنّقى والعلمِ والتُّؤده ۞ والحلمِ والعدلِ والاحسانِ والنّجده
والجودِ والمجدِ والعلياءِ أجمعِها ۞ والسؤددِ العِدِّ لا يحصِي الثنا عدده
والنفعُ مجتديا والدفع معتديا ۞ والبذلُ عن عِدةٍ والبذلُ دون عِده
والهديُ في زمن لا مُهتدين بِه ۞ والرشدُ أزمان لم يؤت امرؤٌ رشده
وطيبُ نيةِ نفس لا انطواء لها ۞ إلا علي الخير عنه غيرُ مبتعده
بعيدةٌ عن نواهي الله نائيةٌ ۞ تخشى الوعيد وترجو نيل ما وعده
من شدةِ الخوفِ منه واليقينِ به ۞ ترى الفرائص طول الدهر مرتعِده
والصومُ في الصيف حدُّ السيف صومُكهُ ۞ وقومةُ الليل تولي الركعةَ السجده
والقصدُ في مِشيةٍ والغضُّ من بصر ۞ وصوتٌ أحسِن بمغضوضٍ ومقتصده
والمنطقُ الفصلُ قد بان البيان به ۞ كأنه خرزات الدر منتضده
أمسى خلاء وأمسى أهلُه احتملوا ۞ فما علي لُبدٍ أخنى أتي لُبده
فالله أكبر لست اليوم تسمعه ۞ فيه ولا سمع الله لمن حمده
ولا تشم ذكِيّ المسك من خُلُق ۞ أذكى من الورد لاقى الدلو أو أسده
ولا ترى صدقاتٍ ثم وادقةً ۞ من كف حاتم جود لا تعدُّ يده
إلا الفرات إذا هبّ الرياحُ له ۞ ترمى غواربُه في عبرِهِ زبده
كفٌّ مباركةٌ طابت فحاملها ۞ أبٌ له المتنبي وابنه عبده
لم يعتمد قط في غير السجودِ بها ۞ إلا علي كتب في الدين معتمده
فلتبكه الكتبُ وليندُبهُ مسجدُه ۞ فكم بكى في سجودٍ فيه قد سجده
ولنحتسب نحن ولنصبر ونرض فما ۞ المعبود قاضيه راضيه الذي عبده
إياهُ نعبد لم نشرك به أحدًا ۞ مفوضين اليه نرتجي مدده
والحمد لله إنا راجعون له ۞ أفعالُه العدلُ فينا غير منتقده
يا رب صل علي طه وأسرتِه ۞ ووارثيه الألى قد جددوا جدده
وارحم جدودًا وإخوانا لنا سلفُوا ۞ وبارك الله في الأبناءِ والحفده
وكان العالم العامل الزاهد أحمد بن محمدا بن حامدْ بن محنض بابه بقصيدة على نفس الروي وفي نفس البحر وقصيدة أحمد قالها قبل قصيدة المختار كما روينا ذلك:
مغنى الهُدى والندى قد قوّضت عمده ۞ يدُ المنون وردت غمرهُ ثمده
إن المنون ولا تثنِي يداهُ يدٌ ۞ وكلُّ أمر تسامى بالغٌ أمده
أحلّ بالشجرات الخضر نجم هُدًى ۞ وبحر جودٍ يُروِّي كلّ من وّرده
وطود عزٍّ منيعًا للذليل إذا ۞ ذلّ العزيز وخِيفت صولةُ المرده
ما إن يدانِي جداه الدلوُ تحملُه ۞ ريحُ الجنوب يواري ماؤُه عقده
ولا هدايتُه نارٌ علي علمٍ ۞ للطارقين تبيت الليل متقده
فليبكه النازحُ النائي منازلُه ۞ إذا أخُ الجفلى عن بابه طرده
والحزُم والعزم بين القوم متئدا ۞ وقد أعد لما ينوبهم عدَدَهْ
والصبرُ والصومُ حر الصيف محتسبًا ۞ يوما تظل به الحرباء مُصطخده
والذكرُ والطُّهر جوف الليل مبتهِلاً ۞ “تُزجى الشمال عليه جامدا برده”
وليبكه العلمُ مُجلاةً غوامضُه ۞ للطالبين فتضحي غير منعقده
وليبكه من حديث المصطفى أسفا ۞ عليه ما صححت رواتُه سنده
والنحو يبكيه ما لم يبكِ ثعلبُهُ ۞ والفقهُ يبكيه ما لم يبكِهِ أسده
فالله يشمل من مضى برحمته ۞ وبارك الله في الباقي ومن ولده
واجعلهم رب من أسلافهم خلفًا ۞ ولتكفهم شرّ أهل الشر والحسده
واجعل لهم همة في المجد عالية ۞ واجعل لهم قوةً وثروة وجِده
واجعل أخوتهم في الله صادقةً ۞ واشدد بكل لكل منهم عضُده
واجعل علي البر والتقوى تعاونهُم ۞ واجعهلم أمة في الدين مقتصِده
وارزقهم نية لله خالصةً ۞ ولم تكن نية الآتين متحده
وصل رب علي الهادي ومن شهدوا ۞ في دينه الحق ما من مشهد شهِده
والآل والصحب والتالين منهجهم ۞ ما طال ليل علي أخي أسى سهده
نقلا عن مجموعة ديوان المختار بن حامدن على الوات ساب