إنها مأمورة
تتجافى جنوبهم عن المضاجع” خوفا وطمعا في كعكة الجند. اللحى والعمامات تغرق في طين التصفيق بأكف أسكرها خمر التعود.. المشردون الحمقى من أراذل أطفال الشوارع يتطاولون في قصور المجد المغشوش والمناصب المسروقة.. ومن طحين النذالة نعجن خبزتنا اليومية ونصطف داخل القطيع.. الديمقراطية، في مجتمع نائم، وسوسة من شيطان الطموح المبالغ فيه. “لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين” كما صرخ، ذات يوم، “إنساننا الأخير”..
في أحسن الحالات، ظلت أحزاب المعارضة، لسقم في الفهم، تلعب الكرة في الوقت الضائع، وفي أسوإ الحالات، باتت تبحث عن منافع آنية ومصالح أنانية. المشاركة ليست أكثر من دور ثانوي نلعبه في مسرحية شكسبيرية زائفة. إن أي نشاط يراد منه تصريف الفعل الديمقراطي الصحيح، غير المعتل، يستوجب البدء في خلق الوعي الديمقراطي، وترسيخ الثقافة الديمقراطية، ومن ثم بناء الإنسان الديمقراطي، حينها يأتي سيل الديمقراطية متدفقا، جارفا، مرعدا، لا شيء يمكنه الوقوف في وجهه..
البرلمانات، البلديات، الصحافة الحرة، لجنة مراقبة الانتخابات، صناديق الاقتراع : كلها هياكل خاوية شكلية، لا تشبع جوعَ الديمقراطية ولا تسقي ظمأ التعددية ما لم يصممها ديمقراطيون، ويملأها ديمقراطيون، ويرعاها ديمقراطيون، وإلا فلندعها “فإنها مأمورة”.
الأستاذ / محمد فال ولد سيدي ميله