ثقافة

من روائع الحكايات والأساطير الموريتانية(42) د. محمدو احظانا

أم الروايات

رواية رأس العقرب

قال الراوي:
حاجيتكم ما جئتكم:
“جملي هذا الشديد؛ لا يتعشى إلا بالنار، ولا يتغدى إلا بالحديد”؟!

قال له الرامي الأول في الحلقة:
-لعله “جمل الغولة”(1).
فضحك الراوي وضحكت حلقته. وقال:
-جنبك الآخر..
قال الرامي الثاني؛
-لم أعرفه إن لم يكن المبرد.
-هو بذاته. بخ لأمك.

الفصل الأول

قيل لكم في ما قيل:
إنه في الزمان الذي كان قبل الزمان الأول؛ تداعت الحيوانات لأخذ رؤوسها، لما خلق بارئها الرؤوس.
فجاء الغزال مبكرا واختار أجمل رؤوس الحيوانات وذهب به؛
وجاء الخنزير البري متأخرا فأدرك أقبحها فأخذه وذهب به.
ثم جاءت الحمامة مبكرة فأخذت أجمل رؤوس الطير وطارت به؛
وجاءت البومة متأخرة فأدركت أبشع رؤوس الطير، فأخذته وطارت به.
وجاءت الفراشة مبكرا فاختارت أجمل رؤوس الحشرات وطارت به؛
وجاء الجُعَل متأخرا وأدرك أبشع رؤوس الحشرات فأخذه راضيا وذهب به.

الفصل الثاني
كانت العقرب لكثرة سراها تسهر الليل كله وتنام النهار كله، لسوء طويتها وتعكر مزاجها، وكسلها، ولذلك كانت نوامة للصبيحة التي تنقص في العمر، وتمنع الرزق، فاستيقظت متأخرة بعد أن نبهتها الحشرات إلى أن الرؤوس تُقسم على الحيوانات، فذهبت لتختار رأسا يليق بغرورها.
و بينما هي ذاهبة إلى حيث ذُكرت لها الرؤوس صادفت الجُعَل في طريقها وهو يدحرج حدوته، فسألته:
-أما زالت الرؤوس تقسم؟
فأجابها دون أن يلتفت إليها:
-بلى؛ ولكن لم يعد يوجد منها إلا مثل رأسي أنا هذا.
فرجعت العقرب متأففة، مترفعة، وهي تتهادى وتقول للجعل:
-لا أريد رأسا إذا لم يكن قد بقي من الرؤوس إلا مثل رأسك.

****
لذلك صارت العقرب بلا رأس منذ ذلك اليوم، وتولّّد في نفسها حقد لايبرأ على حمَلة الرؤوس من الكائنات كلها، فأصبحت تترصد لها في المخابئ والشقوق والجحور.، حسدا وغلا، لتلدغها بذيلها.

قال الراوي:
ورجعت عنهم أنا إلى أهلي، أبقاني الله سالما، أحدث برواية رأس العقرب، دائرا عن دائر.

…………..
جمل الغولة: فرس الأنبياء. ولا أعرف سبب تمليكه للغولة!!

م. أحظانا


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى