من حيات العالم الحاج ولد فال
من أعلام قرية سند الحاج ول الفال
هو العلامة الحاج أحمد بن الفاضل بن أبي أجود اليوسفي الحسني، نشأ وتربي في مرابع أهله في العقل في بدايات القرن الثاني عشر الهجري درس القرآن الكريم والعلوم الشرعية في محاظر المنطقة وتاقت نفسه إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج في ذلك الزمان الذي تنعدم فيه وسائل النقل سوى قوافل الجمال التي تسير ببطء والمكان الذي هو ضفاف المحيط الأطلسي لكن عزم الحاج أحمد ورغبته وإصراره على الحج كان أقوى من كل تلك التحديات فسافر ومر بعدة بلدان ومدن عربية وإفريقية كمصر والسودان فصحب العلماء والمشايخ وأخذ عنهم وأخذوا عنه وكان محببا عند كل أهل منطقة زارها أو مكث فيها لزهده وانشغاله بالعلم والتعلم
وقد وصل إلى الحجاز وحج ومكث وهناك فترة تزوج فيها من سيدة مصرية سافرت معه إلى مصر حيث أقام فترة من الزمن وصحب بعض الأعلام والشخصيات العلمية هناك من امثال المصلح محمد عبدو وغيره ورزق بابنه سيد محمد المتوفي سنة (1280هـ 1864م) الذي لحق به بعد عودته إلى ارض الوطن
والملفت في رحلة الحاج أحمد هذه إلى المشرق العربي والحجاز حرصه على اقتناء الكتب حيث عاد بمكتبة عظيمة تحوي أكثر من ثلاثمائة كتاب نفيس في شتى العلوم والمعارف ويقال إن فيها كتبا في الطب أخذ منها بعض مشاهير الطب التقليدي في موريتانيا
ولما عاد الحاج إلى ارض الوطن استقبله علماؤها وشيوخها ووجهاؤها بالترحاب وتوافدوا عليه مهنئين بعدوته ومثمنين هذي المكتبة الضخمة النادرة التى اتحف بها الحاج أحمد هذي البقاع البعيدة في زمن يعتبر الحصول على كتاب امرا نادرا وصعبا فتهافتوا يقرؤون وينسخون ويعترون وتكريما لهم قام الحاج أحمد بإهداء بعض الكتب الثمينة لهم واحتفظ بالباقي في محظرته وتركه لإبنه سيد محمد الذي ولد في مصر وقدم علية هنا في موريتانيا إلا البادية بخيامها المتنقلة والتى تتعرض لعاديات الزمن جعل المكتبة تتعرض للكثير من الضياع بسبب السيول والأمطار وظلت بواقي هذه المكتبة الزاخرة موجودة إلى عهد قريب عند حفيده السالم ول سيد وبعده تفرقت بين أبنائه
وقد ذكر الشعراء رحلة الحاج أحمد هذه في اشعارهم ومن بينهم محمد مجمود ابن أحمذي الذي يقول منوها بأبنائه وأحفاده:
من جدهم حاول العلياء مرتقيا
حتى إذا حج بيت الله وارتحلا
أهدى لنا العلم محمولا خزائنه
والعلم أفضل محمول لنا حُملا
وقد ترجم له المؤرخ المختار ول حامدن في موسوعته حياة موريتانيا والدكتور الخليل النحوي في كتابة شنقيط بلاد المنارة والرباط ذاكرين رحلته إلى الحج وإسهامه المعرفيَّ كما تحدث عنه العلامة حمدا ولد التاه في محاضرته عن سفراء شنقيط في المشرق العربي وكذلك العلامة الشيخ محمد الحسن الددو وغيرهم من العلماء والباحثين
رغم هذا كله ما تزال هناك بعض التفاصيل المهمة في رحلة الحاج أحمد غائبة نظرا لقلة البحث والإهتمام بتاريخ الأعلام وسيرهم.