ظاهرة المبادرات / محمد سالم الوذان
بدأت ظاهرة المبادرات السياسية لأول مرة فى أواخر عهد الرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطايع وكانت فى حينها تتشكل من مجموعات من النشطاء السياسيين غير المنتمين إلى احزاب سياسية وازدادت فى الفترات الانتقالية التى شهدتها البلاد بحيث اصبحت الإطار السياسي الناظم لجزء من للقوى السياسية إثر تفكك بعض الأحزاب كالحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي ولم تكن حينها تمثل حالة تتعارض مع مبدإ الا التزام الحزبي الذي
هو المعيار الوحيد لقياس درجة الوعي للأفراد النشطاء فى مجال السياسة (ما يعرف بالسياسيين)وفى الفترة الأخيرة اصبحت تجارة رابحة و منهجا سياسيا ينتهجه من لا يدرك أهمية الالتزام ولا يعي كنهها حقيقة الانتماء الحزبي الذي يقتضى درجة كبيرة من النضج الفكري والقدرة على إنتقاء وتحديد الأهداف ضمن دائرة الأنا الجمعي الأكثر اتساعا وسموا على المصالح الضيقة إذ يعتبر فى المنطق والعرف السياسيين تشكيل تجمع سياسي ضمن الإطار السياسي الواحد حالة مرضية منافية للانسجام بين افراد التشكيل السياسي الواحد وهذا ما يطلق عليه التكتل الحزبي المرفوض سياسيا أما فى حالة ما إذاكانت المبادرة تنسجم مع التوجه العام للإطار الذي تنضوى تحت يافطته المجموعة المتكتلة فلا يمكن تصنيفها إلا على أنها مجموعة نفعية تريد جني مكتسبات سياسية خاصة مما يتعارض وابسط مبادئ الانتماء الحزبي كما تتنافى مطلقا مع الإيمان بالاهداف المعلنة التي يسهل تحقيقها بتناسب طردي مع إتساع دائرة مؤمنين بها والعاملين على تحقيقها ،ولتصبح الصورة اكثرا وضوحا ينبغي طرح السؤال التالي والاجابة عليه كيف يمكن تفسير أن يعلن حزب سياسي موقفا معينا فتنبري مجموعات من المنتمين إلى نفس الحزب بإنشاء مبادرا ت تهدف إلى نفس الهدف الذي حدده حزبها واعلنه؟!
هذ السؤال لا يمكن تفسيره إلا بأحد امرين .
أولا- هو أن اصحاب هذه المبادرات ليس لديهم ارتباط مبدئي بالحزب الذي قرروا الانضمام أليه ولا يثقون فى قدرة قياداته وهيئاته على تحقيق الهدف المعلن وبالتالي يجدون انفسهم مجبرين عن تشكيل مجموعات صغير ليتمكنوا من تحقيق الهدف وهذا احتمال مستبعد لأن التكتل ضمن الإطار الواحدمهما كان المسوغ يفضي دوما إلى التشرذم وتشتيت الجهود
ثانيا- أن هذه المجموعة مجموعة لا تنظر إلى الأمور الا من زاوية نفعية بحتة لا يؤمن أصحابها الا بمصالحم الضيقة التى هم مستعدون للتضحية بكل شيء من أجل تحقيقها بما فى ذلك التضحية بالأهداف والمصلحة العامة وكل خياراتهم المعلنة وما ذلك الا بسبب ضيق الأفق وانعدام الوعي وعدم الفهم لأهمية اتساع دائرة التشارك السياسي .