التشاور الوطني.. فرصة موريتانيا التاريخية / المختار محمد يحيى
لم تكن بلادنا خلال الثلاثين شهرا الأخيرة مسرحا لأي تجاذبات ولا صراعات سياسية كما أنها بفضل الله لم تعرف غليانا اجتماعيا، كما الذي عرفناه خلال عشرية النظام البائد، بل كانت موريتانيا هادئة تعمها السكينة السياسية والوئام والسلم الاجتماعيان، وذلك بفضل الهدوء السياسي والثقة التي أشاعها نظام فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
إن المتتبع لواقع البلاد لا شك يرى ما قدمته نخبة السياسة وصناع الرأي والقرار من أسباب التهدئة استعدادا ليوم تاريخي ومفصلي بالنسبة للشعب الموريتاني، ألا وهو اليوم الذي تقرر فيه موريتانيا مجتمعة السير إلى الأمام في أبهى صور الإجماع من أجل جمهورية متحدة يرى فيها كل الموريتانيين نفسه.
ولعل الخطوات المتسارعة التي أفضت أخيرا لعقد اجتماع اللجنة التحضيرية للتشاور الوطني لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ترجمة صادقة لجدية وإرادة الدولة في إرضاء جميع الأطراف من أجل الجلوس إلى طاولة التشاور الوطني، وكان واضحا استعداد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لتلبية كافة المطالب والمقترحات القادمة من هنا وهناك من أجل تهيئة الأرضية لتشاور وطني يلبي تطلعات الجميع.
لقد اتسمت الفترة الماضية رغم جائحة كوفيد 19 وما ألقت به من أعباء صحية واقتصادية واجتماعية بإصرار طويل النفس للإستعداد لتشاور وطني، وكانت الوسيلة إلى ذلك هي بث جو من الهدوء والثقة أحس به جميع الوطنيين، ليمهد فيما بعد لتنادي مختلف الفاعلين في المشاهد السياسية والمدنية والمهنية، للتوافق على شكل التمثيل وذلك بالتساوي بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة.
وكان فخامة رئيس الجمهورية قد وفى بعهده وبالتزامه بشأن إطلاق تشاور وطني شامل، ليكون الوفاء بهذا الالتزام حجر الأساس في المشهد الوطني لما له من دلالة في جدية الدولة لتنظيم تشاور وطني بناء، يكون دافعة للبلاد نحو الإنطلاق والتنمية، بالإضافة إلى تعزيز موقعها في شتى الميادين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
كما أن تلبية فخامة رئيس الجمهورية لرغبة الفرقاء بتعيين شخصية وطنية قادرة على إدارة الحوار وتحظى بثقة الجميع، الدليل الإضافي للاستعداد الجاد من قبل الدولة، لتنظيم تشاور وطني شامل لجميع الأطراف ولا يحظر أي موضوع كما صرح بذلك رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن الفرصة مؤاتية لجميع قادة المشهد السياسي أغلبية ومعارضة لبلورة اتفاق وطني يسطره التاريخ للخروج بالبلد من دوامة المناكفات السياسية، وسيكون هاذا التشاور بالفعل اختبارا لؤلائك الذين تعودوا على البحث عن مصالحهم الضيقة على حساب الوطن.
إن مختلف الأطراف السياسية المشاركة في التشاور الوطني هي مسؤولة أكثر من أي وقت مضى أمام الله والوطن والشعب الموريتاني الذي قدمها للمشهد ووثق فيها، وعليه فإن من الواجب على المشاركين في التشاور معرفة مسؤولياتهم في ضرورة المشاركة الإيجابية قصد البحث عن أرضيات مشتركة للنقاش والتوصل إلى حلول، والركون إلى اتفاقات عادلة تراعي مصلحة الوطن العليا وتلبي مطامح الشعب، والذي لا شك أنه سيحتفل أخيرا بلحظته التاريخية، يوم تتفق موريتانيا مجمعة للسير نحو التنمية والازدهار في كنف الوحدة الوطنية والعدالة والإخاء.