الأخبار

“اتعرعير” / محمد افو

قبل أيام قرأت خبر زيارة الرئيس المفاجئة لمرفق وطني حيوي  ، فأرسلت رابط الخبر لصديقة لي عينت قبل أيام على رأس مؤسسة عمومية ، وعلقتُ ممازحا ” يالمسؤولين بالكم ” ، فردت علي في تسجيل صوتي أن المسؤول مؤتمن وعليه أن يخاف الله ويخاف التقصير في أداء أمانته وانطلاقا من ذلك فإنه لن يكون خائفا من المباغتة ولا المحاسبة .

بالطبع كنت اتوقع ردها هذا بحكم معرفتي بها ، لكن رأيها ذلك ربما يشكل مثالية صعبة المرتقى لغالبية المسؤولين .

أثناء أزمة المياه سمعنا حديثا يتعلق بانسداد المضخات وتراكم الطين في الخزان الرئيسي و فيضان مياه النهر و عدم صيانة المضخات والأنابيب وتراكم الأخطاء … الخ .
واثناء حديث المسؤولين في بداية المباغتة سمعنا حديثا عن الوقت الذي ستحتاجه الأزمة للتماثل للحل .
بعد يومين طارت رقاب مدراء ومسؤولين وفجأة ” عادت المياه لمجاريها ” وتلاشت أكاذيب انقطاع المياه الخارج عن ” الإرادة ” .

زيارة مفاجئة أخرى للخطوط الجوية الوطنية كانت كفيلة بإسعافنا بخبر عودة خطوط رحلات  للشركة المعنية ، بل وعودة طائرات تابعة لها من رحلة الصيانة ( كل هذا حدث خلال 24 ساعة ) .

جسر بامكو ، خرج من سباته كالمارد وخلال شهر واحد من المساءلة استوى ظهره خارج السور الذي لف مطينة الفساد والإهمال لأكثر من عامين .
وبعده مباشرة – وخلال أسابيع – بدأ جسر مدريد يتكئ على عكازه الخرساني واقفا .

ناهيكم عن انجازات حكومية سريعة لم تكن بدافع ولا وازع المسؤولية وتحمل الأمانة ، بل كانت تحت وطأة صورة مسربة من مرفق متهالك أو من إهمال مستبيح لكرامة مواطن يقظ أو آخر مترصد لهذا المسؤول أو ذاك .

كلها مؤشرات تحيلنا إلى أن الغالبية العظمى من المسؤولين هم مجرد أدوات بائسة لتسيير الواقع وإطالة عمره لا تدفعهم إرادة ولا شغف ولا وطنية ولا حتى خجل للتحمل مسؤولياتهم ، فتراهم يحدثون التغييرات الكبيرة والمثيرة فقط تحت وطأة الخوف من زوال مؤخراتهم عن الكرسي ، ويحدثون التحسينات الكبيرة تحت وطأة الخوف من مدون فضح بعض سوئهم .

يقول إخوتنا المصريون في وصف هؤلاء ” يخاف ما يختشيش ” أما نحن فلا من أن نشرك الحمير في كل المواضيع
” عر تنقال ألا لحمار ” .

عبء الاصلاح الحقيقي ليس في التخطيط ولا التمويل وإنما في الرقابة والمتابعة ووضع المسؤولين تحت وطأة الحساب في أي لحظة .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى