آراء وتحليلات

الفرصة الذهبية لخدمة القضية الفلسطينية / محمد يحيي ولد باب أحمد

اتفهم تماما تخوف بعض الدول العربية المؤثرة من الإنجرار وراء ماتعتبره آجندا إيرانية ،ومخططا كيديا تهدف إيران من خلاله إلى جر المنطقة إلى صراع مع إسرائيل ، فيما ستبقى إيران نفسها بعيدة عن الحرب متفرجة ومتفرغة لبناء قدراتها الذاتية فى مختلف المجالات ، كما أتفهم حقيقة أن حماس لم تكن يوما على علاقة طيبة مع تلك الدول والقيادات ، بل وأن حماس تناصب تلك القيادات عداء مستحكما لأسباب ايديولوجية و تنافسية فى صراع ابدي على السلطة ، علاوة على أن تلك القيادات  تعتبر أن حماس لم تقم بعمليتها الآخيرة من أجل القضية الفلسطينية  ، بقدر ما قامت بها تنفيذا لأوامر وتوجيهات من إيران  و بالأساس كرد من إيران على بعض الأعمال العدائية التى نفذتها إسرائيل ضدها مؤخرا

افهم كل ذلك واتفهمه، ولكننى بالرغم من تفهم كل تلك العوامل فإننى مقتنع تماما بأن عملية حماس الآخيرة ضد إسرائيل– حتى وإن نفذتها حماس بوصفها ذراعا من أذرع  إيران فى المنطقة — فإنه لا يمكن لغير مكابر أن ينكر ما مثلته تلك العملية  من خدمة جليلة للقضية الفلسطينية التى تبقى هي القضية المركزية للعرب والمسلمين أجمعين ، وبمن فيهم أولئك الذين لا يزالون يعتقدون بجدوائية العملية السلمية فى المنطقة

فلقد أعادت تلك العملية قضية فلسطين إلى واجهة الأحداث بعد أن ظنت إسرائيل وآمريكا ، وأغلب الغرب أنهم قادرون على طمسها بالتدرج ، وإغراءات التطبيع

إننى اعتقد أنه سيكون من الحكمة بمكان وضع جميع الخلافات البينية الداخلية  جانبا ولو مؤقتا من أجل الإستثمار الأمثل لنتائج تلك العملية الإستثنائية ، ، وبالنظر إلى معطيات الساحة الدولية الحالية ، وبالنظر كذلك إلى ما أبدته آمريكا والغرب عموما من غطرسة وأساليب صليبية فى التعامل مع  معطيات تلك القضية  وعدم اكتراث بمشاعر جميع العرب والمسلمين ، فإننى اعتقد أن أتخاذ قرار جماعى بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة بالذات كمرحلة أولى معبرة وصادمة ، سيكون له التأثير الفوري والمباشر على الساحة الدولية بما يضمن أفضل وسيلة لخدمة القضية الفلسطينية ، وبما يسهم فى الإسراع بتجليات النظام العالمى الجديد المتعدد الأقطاب الذى سيكون فاتحة خير على تلك المأساة المرتبطة بنتائج الحرب العالمية الثانية وما أفرزته من نظام دولى لم يكن فى واقع الأمر أكثر من تكريس لهيمنة الحلفاء المنتصرين  من الدول الاستعمارية،وطريقة ظالمة ومجحفة بالآخرين من أجل الحفاظ على استمرار مصالح أولئك الحلفاء  الأنانية فى العالم ، و التى رأوا أن من وسائل حمايتها —ضمن إجراءات أخرى — -غرس ذلك الكيان فى الشرق الأوسط، وهو مايعنى بالضرورة زوال ذلك الكيان بزوال النظام الدولى الذى اقامه

إننى مقتنع تماما أن الوقت مناسب تماما لإتخاذ مثل ذلك الموقف ، وبأنه سيكون انجع السبل وأقلها تكلفة على المنطقة ، بل وسيعطى للمنطقة دورا رياديا متقدما فى خارطة النظام الدولى المقبل سيمكنها من الفاعلية والتأثير اللازمين لحل القضية الفلسطينية بأفضل السبل ، وبحسن التموقع فى العالم الجديد


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى