تعليق سريع على مداخلة نائب شجاع/ محمد الأمين الفاظل
يبدو أن مداخلة النائب البرلماني “سي صمبا”، نائب مقاطعة “بوكي” باللغة البولارية، والتي كانت هي أول مداخلة من نوعها في البرلمان، قد أثارت جدلا كبيرا في البرلمان، وربما تثير جدلا أكبر في الأيام القادمة بين المهتمين بالشأن العام باعتبارها أول مداخلة في البرلمان لا يستخدم صاحبها اللغة العربية أو الفرنسية كما جرت بذلك العادة.
وحسب ما تسرب من البرلمان، فقد استهجن بعض نواب الأغلبية إصرار النائب “سي صمبا” على التحدث بالبولارية، كما تحدثت تلك التسريبات بأن رئيس الجلسة النائب العربي ولد جدين طلب من نائب “بوكى” التحدث باللغة الفرنسية بدلا من البولارية، ربما بحجة أن الحضور لا يفهمها، أو أنه لا يوجد مترجم في القاعة يمكن أن يترجم مداخلة بالبولارية للنواب الذين لن يتمكنوا من فهمها.
إن ما حدث اليوم في قاعة البرلمان يستوجب تذكير من يهمه الأمر بأن البولارية هي لغة دستورية لذلك فلا يجوز لأي كان أن يعترض على استخدامها داخل مؤسسة كان من المفترض بها أن تكون من أحرص المؤسسات على احترام الدستور.
إنما يجب الاعتراض عليه حقا هو السماح للنواب بالحديث بلغة غير دستورية كما هو الحال بالنسبة للغة الفرنسية داخل البرلمان الموريتاني. ولقد كان من الأجدر بنواب الأغلبية ونواب المعارضة على حد سواء أن يعترضوا ـ ومنذ أول يوم دخلوا فيه البرلمان ـ على استخدام اللغة الفرنسية داخل جمعيتهم الموقرة.
إن على كل الموريتانيين الغيورين على لغاتهم الوطنية، وعلى وحدتهم الوطنية أن يتضامنوا مع هذا النائب الشجاع الذي تحدث بلغته، داخل البرلمان، والتي هي ـ بالمناسبة ـ لغة كل الموريتانيين، حسب نص المادة السادسة من الدستور الموريتاني.
إن ما يمكن أن نلوم عليه هذا النائب الشجاع هو أنه تأخر كثيرا في الحديث بالبولارية داخل البرلمان، وكان من المفترض به أن يكون قد تحدث بها في أول يوم له في البرلمان، أي من قبل خمس سنوات من الآن.
إن ما حدث اليوم، يستدعي من البرلمان الموريتاني أن يكتتب ـ وبشكل فوري ـ مترجمين يترجموا مداخلات النواب الذين قد لا يكون بإمكانهم أن يتحدثوا باللغة العربية، ويرفضون في الوقت نفسه الحديث باللغة الفرنسية، والتي آن الأوان لتجريم استخدامها داخل مؤسساتنا الموقرة، باعتبارها ليست لغة دستورية.
عاشت اللغة العربية والبولارية والسنونكية والولفية..
لا للفرنسية ..لا للفرنسية…لا للفرنسية.
تصبحون وأنتم تحترمون دستوركم…
مقال كتبته في مثل هذا اليوم من العام 2012، وذكرني به الفيسبوك اليوم.
سعيد جدا أن الدعوة لاكتتاب مترجمين من وإلى اللغات الوطنية قد تحققت بعد كتابة هذا المقال بسنوات، وسعيد كذلك أن الترجمة داخل البرلمان أصبحت تقتصر فقط على لغاتنا الوطنية. وما زلت أتطلع إلى ذلك اليوم الذي سيتم فيه تحريم استخدام اللغة الفرنسية وأي لغة أجنبية أخرى داخل البرلمان الموريتاني، حتى يكون برلماننا مثل بقية برلمانات العالم، والتي لا يسمح فيها باستخدام أي لغة أجنبية.